على وقع حدث مفجع، يودع المغاربة سنة 2018 على أمل أن تحمل السنة الجديدة مسرات للبلاد والعباد. فبينما كان المغاربة يستعدون لتوديع هذه السنة بحلوها ومرها، نزل الحادث الإرهابي الذي استهدف سائحتين بمنطقة إمليل قرب مراكش كالصاعقة.
لم يكن سكان المنطقة ولا مختلف أطياف الشعب المغربي يتوقعون هول الكارثة وبشاعة الجريمة. مجموعة إرهابية خرجت من مدينة مراكش بدون هدف محدد، لكنها كانت تخطط لغرض واحد ألا وهو تنفيذ جريمة إرهابية أيا كان ضحيتها.
تعاملت المصالح الأمنية بكثير من الاحترافية مع قضية أثارت الكثير من الرعب، لكنها وحدت المغاربة تحت شعار واحد “لا للإرهاب”. فأمن المملكة خط أحمر لا يمكن التساهل معه، وهو ما جعل المغاربة ينزلون في وقفات تضامنية مع عائلات الضحيتين، واحتجاجا على جريمة نكراء حاولت زرع الخوف في نفوس السياح والمغاربة.
بسرعة قياسية بدأ الأمن يطيح بالمشتبه فيهم. بعد سقوط أول صيد ثمين، تمكنت المصالح الأمنية في توقيف باقي المتهمين الذين حاولوا الفرار عبر حافلة للنقل العمومي في اتجاه مدينة أكادير، بعدما حاولوا تغيير ملامحهم.
وفي الآن ذاته، لم يستسلم المغاربة وخاصة سكان إمليل للشعور بالخوف الذي حاول هؤلاء زرعه. فقد شكلت صور السياح وهم يتوافدون على المنطقة صفعة قوية لكل من يحاول العبث بأمن واستقرار المغرب، بل إن هؤلاء السياح بعثوا رسائل واضحة مفادها أن المغرب كان وسيظل بلدا للتعايش وللأمن والاستقرار.
ورغم هذا الحادث الارهابي المفجع، حملت سنة 2018 أحداثا سعيدة لعل أبرز إطلاق القطار فائق السرعة “البراق”. فبعد سنوات من العمل الدؤوب والمشاريع العملاقة التي أطلقت بين الدار البيضاء وطنجة، دشن الملك محمد السادس رفقة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خط “تيجيفي” الذي يعول عليه لتعزيز منظومة تنقلات المغاربة.
ليس هذا فحسب، بل إن إطلاق هذا الخط تم بالموازاة مع تدشين مجموعة من المحطات من الجيل الجديد والتي توفر علاوة على النقل خدمات أخرى تمكن المسافرين من التبضع وقضاء أغراضهم من خلال المتاجر والمقاهي والمطاعم التي تم وضعها رهن إشارتهم.
وإذا كان خط “التيجيفي” قد جاء ليعزز دينامية الاقتصاد الوطني، من خلال خفض مدة السفر بين العاصمة الاقتصادية ومدينة طنجة التي أصبحت تمثل عاصمة صناعية للبلاد من خلال الوحدات الإنتاجية التيتم توطينها في المدينة، فقد شكلت حملة المقاطعة التي استهدفت مجموعة من الشركات حدثا استثنائيا خلال السنة التي نودعها.
لم يقتصر أثر المقاطعة على الجانب الاقتصادي فقط، بل كان له أثر سياسي أيضا من خلال الحرب التي اندلعت بين مكونات الأغلبة وخاصة العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار، الذي وجد نفسه ورئيسه مستهدفين بحملة جعلها خصومه حصان طروادة لمواجهته.
أما تأثير المقاطعة على الشركات فقد كان جليا، رغم أن بعضها حاول إخفاء خسائر. شركة سانطرال كانت أول شركة تخرج إلى العلن لنزع فتيل التوتر، من خلال حملة تواصلية مباشرة شارك فيها الرئيس المدير العام للشركة وانتهت باتخاذ قرار خفض سعر الحليب بدرهم واحد للتر.