نجيب الأضادي
عرف النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية خلال هذا الأسبوع تقاطبا على مستوى الساحة الإفريقية كما تؤكده بعض الوقائع و المسارات الجديدة تجليها مواقف دبلوماسية نوعية للعديد من قادة الدول و الحكومات الإفريقية، خاصة الدول التي تنتمي للمحور الانجلوفوني داخل القارة السمراء نظير كينيا و نيجيريا و إثيوبيا و ، قريبا جنوب إفريقيا.
يدخل ضمن هذا الإطار انزياح كينيا لصف العقل و الحق بعد تأكيد نائب الرئيس الكيني، ويليام روتو و المرشح القوي للانتخابات الرئاسية في بلده لسنة 2022، أن مخطط الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية للمملكة تحت السيادة المغربية هو أفضل حل لقضية الصحراء، و أن “تمثيلية البوليساريو في نيروبي ليس لها أي معنى”. مضيفا بأن “النزاع حول الصحراء ليس سوى ذريعة للسماح للجزائر بمواصلة تبديد ثروات شعبها في قضايا خاسرة”.
و أما مهزلة اجتماع مجلس السلم والأمن للإتحاد الإفريقي، فهي مجرد زوبعة في فنجان و لا تعني المغرب في شيء حسب وزير الخارجية ناصر بوريطة طالما أنها تسمح للجزائر بإثارة الفوضى داخل هذا المجلس بدل أن تسهر الهيئة الإفريقية على احترام الوحدة الترابية للدول الأعضاء ال54 وفقا لميثاق الاتحاد الإفريقي الذي يمنع التدخل في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة.
وعموما هذا اللقاء عرف انتكاسة واضحة و فضيحة من العيار الثقيل بعد أن عرف حضورا باهتا و ضعيفا على المستويين الكمي و النوعي.
و سواء تعلق الامر بالحدث الاول ام الثاني ، فإن الزلزال الذي يضرب محور الجزائر و من معها إنما يصطف إلى جانب الشرعية الدولية و حق المغرب في وحدته والترابية و يؤكد على مبدأ سيادة الدول و على الوعي الافريقي الجديد ،الحريص على وحدة الصف و عدم الخروج عن الإجماع و التوافق الذي تفرضه مجابهة القضايا الشائكة داخل القارة السمراء نظير إشكالات الهجرة و مكافحة التهديدات الإرهابية و تحديات الجريمة المنظمة ، فضلا عن اشكالات التنمية و الأمن الغذائي و الأمن المائي و محاربة الأوبئة وعلى رأسها مواجهة جائحة كورونا وتوفير اللقاحات، و غير ذلك.
لكن على ما يبدو أن الجزائر و من معها لهم أجندات أخرى تصر على زرع بذور التفرقة و الشقاق بين الدول. و لا مجال للتفصيل في المحاولات اليائسة لضرب الوحدة الترابية للدول عبر تشجيع قيام كيانات مصطنعة ذات نزوعات انفصالية، بل و إرهابية
لكن أغرب ما في الحكاية هو أن النظام الجزائري الذي يشرف على الموت، يهرول لإبقاء البوليساريو على قيد الحياة في محاولة للتنفيس عن أزمته الداخلية واستباق أية ثورة محتملة داخل مخيمات تندوف، خاصة مع بداية تفكك صفوف جماعة الكيان المصطنع ، نتيجة الإغراء الكبير الذي يمثله مقترح الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب، واعتراف الولايات المتحدة الأمريكية و من ورائها دول كثيرة، بالسيادة الكاملة للمملكة على الصحراء، و هو ما ظهرت بعض مؤشراته من خلال تحركات و تصريحات لبعض قادة البوليساريو حول استعدادهم لقبول مقترح الحكم الذاتي بشروط. و هذا في حد ذاته يعتبر تحولا نوعيا و زحزحة للموقف المتصلب الذي لطالما كان يميز جماعة تندوف.
الاكيد انه مع بداية احتضار النظام الجزائري الحاكم تزامنا مع توهج الحراك الشعبي و عزلته الدولية ، فإن أمورا كثيرة ستتغير على المستوى التفاوضي في اتجاه الحل النهائي الكفيل ببعث الروح في مشروع المغرب الكبير و عموم إفريقيا.
باحث وكاتب مقالات رأي ومدون مستقل