ضربة دبلوماسية قوية وجهها الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، من خلال النداء الذي وقعه اليوم بمعية البابا فرانسيس، والذي يؤكد على أهمية المحافظة على القدس الشريف باعتباره تراثا مشتركا للإنسانية، بوصفها أرضا للقاء، ورمزا للتعايش السلمي بالنسبة لأتباع الديانات التوحيدية الثلاث.
النداء حث على صيانة وتعزيز الطابع الخاص للقدس الشريف، كمدينة متعددة الأديان، إضافة إلى هويتها الفريدة”. وعبر الطرفان عن أملهما في أن “تكفل داخل المدينة المقدسة حرية الولوج الى الاماكن مقدسة، لفائدة أتباع الديانات التوحيدية الثلاث، مع ضمان حقهم في أداء شعائرهم الخاصة فيها”، يضيف النداء، “من أجل مستقبل يعم فيه السلام والأخوة من كل أرجاء المعمور”.
هذا النداء يحمل رسائل عدة، أولها أن العاهل المغربي يتعامل مع القضية الفلسطينية، والقدس الشريف، كأولوية استراتيجية ضمن السياسة الخارجية للمغرب. فبرئاسته للجنة القدس، يعمل الملك المغربي على الدفاع عن هذه القضية في مختلف المحافل الدولية.
ويبرز هذا الدور جليا ليس فقط عندما يتعلق الأمر ببعض المشاريع التي تسعى للنيل من هوية القدس كملتقى للديانات السماوية، بل إن لجنة القدس تشتغل على تنفيذ عدد كبير من المشاريع لفائدة القدس والمقدسيين.
وفي هذا السياق، توضح حصيلة عمل وكالة بيت مال القدس الشريف أنها أنجزت خلال السنة الماضية 11 مشروعا، بقيمة 3.7 مليون دولار أمريكي، همت على الخصوص مشاريع حماية التراث الثقافي والعمراني للقدس، والمساعدة الاجتماعية ودعم صمود المقدسيين، و الإشعاع الثقافي والفكري وحماية التراث والمحافظة على الأرشيف الفلسطيني.
الرسالة الثانية لهذا النداء هو أن المغرب انتزع موقفا بحمل دلالة كبيرة بالنسبة للقضية الفلسطينية. فتوقيع البابا فرانسيس على هذا النداء إلى جانب الملك محمد السادس يشكل ضربة قوية لإسرائيل، لما يحمله من موقف للعالم المسيحي بضرورة احترام البعد الديني التعددي للقدس بدل مساعي التهويد التي تقوم بها تل أبيب منذ سنوات.
هذا التحليل يمكن أن نستشفه من خلال تصريحات قيادات فلسطينية. فقد أكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية السيد أحمد مجدلاني أن هذا النداء يمثل “وثيقة تاريخية تعكس بما لا يدع مجالا للشك، الموقف المشترك للتسامح الديني ولحرية الأديان في القدس، باعتبارها تراثا مشتركا بين أتباع الديانات الثلاث”.
ويرى القيادي الفلسطيني أن “هذه الوثيقة، تأكيد أيضا للدور الكبير الذي يضطلع به صاحب الجلالة، في الدفاع عن المكانة المتميزة لمدينة القدس وتكريس وضعها كرمز للتعايش والسلام والتسامح”.