إعداد-زينب لوطفي
الرياضيون المغاربة ليسوا مجرد أبطال في ميادينهم، بل هم رموز للعزيمة والإرادة التي تعكس قيم الانضباط، الصبر، والعمل الجاد.
في رمضان، حيث تتعزز الروح الإنسانية والتضامن، نلتقي مع هؤلاء الأبطال الذين استطاعوا أن يصبحوا قدوة للأجيال الجديدة، محققين إنجازات عظيمة على المستويين الوطني والدولي.
كل حلقة من هذه السلسلة ستأخذنا في رحلة عبر مسيرة أحد الرياضيين المغاربة، نستعرض خلالها أبرز محطات حياته المهنية والشخصية، وكيف تحدى الصعاب ليصل إلى القمة. إن قصصهم تحمل في طياتها دروسًا في القوة الداخلية والتفاني في العمل، مما يجعلها مصدر إلهام لكل متابع.
انضموا إلينا في هذه الرحلة الرمضانية المميزة عبر جريدة “24 ساعة” الإلكترونية، وتعرفوا على أبطال المغرب الذين رفعوا اسم بلدهم عاليًا في مختلف المحافل الرياضية.
الحلقة السابعة
تُعد نوال المتوكل واحدة من الأيقونات الرياضية في تاريخ المغرب والعالم العربي، حيث سطرت اسمها بحروف من ذهب في سجلات الرياضة العالمية، وأصبحت مصدر إلهام لكل امرأة عربية وإفريقية، صنعت التاريخ عندما أصبحت أول امرأة عربية وإفريقية تحرز ميدالية ذهبية في تاريخ الألعاب الأولمبية، وتحديداً في أولمبياد لوس أنجلوس 1984، حيث حققت فوزاً استثنائياً في سباق 400 متر حواجز.
قبل عام 1984، لم يكن للرياضيات العربيات أي حضور على منصات التتويج الأولمبية، لكن المتوكل كسرت هذا الحاجز وفتحت أبواب الأمل أمام النساء في العالم العربي وإفريقيا لتألقهن في المحافل الرياضية الكبرى، محققة الميدالية الذهبية في السباق الذي لم يكن يتوقع أن تتصدره امرأة عربية أو إفريقية، لتكون بذلك أول من يحقق هذا الإنجاز التاريخي.
ولدت نوال المتوكل في 15 أبريل 1962 بمدينة الدار البيضاء، في عائلة رياضية، كان والدها يمارس رياضة الجودو، بينما كان إخوانها يمارسون ألعاب القوى، هذا الجو الرياضي كان له دور كبير في تشكيل شخصيتها وتشجيعها على ممارسة الرياضة، في سن الخامسة عشر، انضمت إلى النادي البلدي البيضاوي، وبدأت مسيرتها الرياضية التي ستصبح ملهمة للكثيرين.
تحت إشراف المدرب الفرنسي جان فرانسوا كوكان، بدأت المتوكل في التدريب بجدية على مسافة 400 متر، حيث برعت في هذه المسافة وحققت العديد من الإنجازات المبكرة، مثل فوزها بميداليتين ذهبيتين في الألعاب الإفريقية 1982، كما أحرزت ذهبية ألعاب البحر الأبيض المتوسط في عام 1983، وتوجت مسيرتها الرياضية بتحقيق ذهبية أخرى في نفس الألعاب في 1987 بسوريا.
لكن النجاح الأكبر كان في أولمبياد لوس أنجلوس 1984، حيث دخلت المتوكل التاريخ العربي والإفريقي من أوسع أبوابه، وبعد إصابات متكررة، قررت الاعتزال في سن مبكرة (25 عاماً)، لكنها تركت بصمة لا تُمحى في تاريخ الرياضة.
بعيداً عن إنجازاتها الرياضية، شغلت نوال المتوكل عدة مناصب رياضية هامة، فقد أصبحت عضواً في المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي لألعاب القوى في عام 1995، ثم تولت منصب وزارة الشباب والرياضة في المغرب في 2007، وعُينت رئيسة للجنة الأولمبية التي كانت تشرف على تقييم ملفات المدن المتقدمة لاستضافة الألعاب الأولمبية في 2008.
وفي 2012، صنعت المتوكل مجدداً التاريخ، عندما انتُخبت نائباً لرئيس اللجنة الأولمبية الدولية، لتكون بذلك أول امرأة عربية ومسلمة وإفريقية تتولى هذا المنصب.
وفي عام 2015، منحها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند وسام الشرف، تكريماً لها على إسهاماتها الكبيرة في الرياضة والمجتمع، وبعدها بسنة أشرفت على الأعمال التحضيرية لدورة الألعاب الأولمبية التي أقيمت في ريو دي جانيرو بالبرازيل، كما شاركت في لجنة تقييم ملفات احتضان دورة الألعاب الأولمبية لعام 2024، التي وقع الاختيار فيها على باريس.
نوال المتوكل ليست مجرد بطلة رياضية، بل هي رمز للأمل والطموح لكل امرأة عربية وإفريقية تطمح لتغيير واقعها وتحقيق أحلامها في أي مجال.