نور الدين الدغير
زلة الرئيس التونسي قيس سعيد في مؤتمر تيكاد 8 دفعت الديبلوماسية المغربية للدخول على الخط وبشدة، ولم تدع الفرصة تمر دون أن تكون لهجتها حاسمة مع الشقيقة تونس، لهجتها فيها عتاب شديد حتى وإن قال المثل لا عتاب بين الاحباب، فالعتاب المغربي قد يقرأ في سياق القولة المشهورة كذلك أن من نعاتبهم نريد الاحتفاظ بعلاقتهم، ورد الفعل المغربي كان ضروريا يحمل في طياته رسالة تحذير بلهجة شديدة، “إذا كانت حكومة الرئيس سعيد تفكر بالذهاب خطوة أبعد مع جبهة البوليساريو، عليها أن تتوقف عند اللحظة الزمينة ما قبل مؤتمر تيكاد 8 ، وأن تدرس بتأني عواقب أي خطوة قد تتخذها خاصة أن جميع الاحتمالات تظل مفتوحة في ظل تحرك أطراف إقيليمية بمساحة الديبلوماسية التونسية وسعيها إحداث اختراق في الموقف التونسي التاريخي الملتزم بالحياد بشان ملف الصحراء المغربية.
قد يقف الجميع في المغرب ضد أي تحرك لأي جهة تستهدف المصالح العليا للبلاد، وقد لايغيب السؤال الرئيس لديهم كيف حصل هذا خاصة أن البلد ليس إلا تونس القريب منا و الذي تربطنا به علاقة شراكة مهمة و روابط تاريخية عميقة، وليست دولة في بلاد الوقواق يتغير مزاجها السياسي بتغير الحزب الحاكم، أو يتغير هواها السياسي في لحظة فلتان داخلي،و تبقى الأسئلة التي ربما ينتظر الكثيرون ممن يرقبون الحراك الديبلوماسي إجاباتها، ماذا حدث فعلا في تونس، هل غابت الديبلوماسية المغربية عن الساحة التونسية، أم أنها لم تحسن قراءة المشهد التونسي بشكل جيد بعد انفراد الرئيس قيس سعيد بالسلطة، أم أنها انشغلت بملفات وربطت تحركها برهانات أخرى جعلتها تفرغ مساحتها في تونس لصالح أطراف كانت و لاتزال تحاول حشر المغرب في زاوية السياسات الاستراتيجية بالمغرب الكبير، أسئلة تفتح الكثير من الانتقاد على الخارجية المغربية و تبقى مطالبة بالإجابة عليها، وانتقادها لايعني تضعيف عملها ومواقفها، بل الانتقاد لتدارك ما تم من أخطاء أو سهو ديبلوماسي و هذا يحتاج بكل تأكيد إلى موقف شعبي مساند يكون سندا للديبلوماسية المغربية للوقوف بصرامة تجاه أي تحركات ومواقف تستهدف المصالح العليا للبلاد، وهذا ماحدث بالتحديد بعد استقبال الرئيس التونسي لزعيم البرليساريو. كل موقف من أزمة تونس يصح للديبلوماسية الرسمية و قد لايصح للديبلوماسية الشعبية و الظاهر أنها غائبة في مشهدنا السياسي المغربي بل أكثر من ذلك حتى إذا أرادت أن تتحرك فهي تتحرك بلون الديبلوماسية الرسمية ما يفقدها فاعليتها، وتأثيرها.
عادة الديبلوماسية الشعبية هي مسؤولية مؤسسات المجتمع المدني بكل تفاصيله من أحزاب سياسية إلى جمعيات ثقافية ورياضية و نخب وطنية، ومجال تحركها هو الحفاظ على العلاقة بين الشعوب حتى لاتنخرط في الجدل الدائر بين مراكز القرار للدولتين، وهنا يبرز بشكل كبير دور الديبلوماسية الشعبية لسد الفراغات التي يمكن ان تحدث خلال مرحلة الخلاف أو الأصح سوء الفهم ، وكما عبرت الخارجية المغربية في بيانها والذي يقول إن هذا القرار لن يؤثر بأي شكل من الأشكال على الروابط القوية والمتينة القائمة بين الشعبين المغربي والتونسي، اللذين يجمعهما تاريخ مشترك، ولا أرى من خلال هذا من مبرر أن يرتفع حماس بعض الفرق و الجمعيات و النخب وعلى خلفية الأزمة مع تونس أن تعلن مقاطعاتها لأي نشاط هناك كيفما كان رياضي، ثقافي، فكري او اجتماعي،وتبقى قولة المقاعد المملؤة أفضل من المقاعد الفارغة القاعدة الأساس في هكذا حالات،لان السؤال الذي يطرح نفسه من المستفيد من إحداث قطيعة بين الشعبين التونسي و المغربي، فانتقال الخلاف من خلاف ديبلوماسي الى خلاف شعبي قد يعمق المسافات بين شعبي البلدين و حتى عند عودة المياه إلى مجاريها بين الرباط وتونس وهذا أمر حتمي فان إعادة الشعوب لعلاقاتها كما السابق يبقى تحت تأثير ترسبات الماضي و القطيعة التي حدثث خلال فترة الخلاف،و ما شابها من احداث، لذا وجب القول أن نترك الديبلوماسية لعملها كما تراه مناسبا وكما تقيمه بناء على تنسيقها مع بقية الاجهزة المعنية، و لنفسح المجال للديبلوماسية الشعبية أن تمارس دورها كما هو بعيدا عن الشعارات الشعبوية،و تعيد بناء جسور العودة الآمنة للعلاقات بين تونس و المغرب على أرضية المصالح العليا للمغرب.
صحفي مغربي بالمهجر