أجمع مختلف المشاركون خلال فعاليات ندوة حول “دور الأديب جمال الغيطاني في الثقافة العربية”، اليوم الأحد بالدار البيضاء، أن الأديب المصري الراحل يعد هامة فكرية وازنة وعلامة فارقة في الثقافة العربية الحديثة.
وأبرز المشاركون في هذه الندوة المنظمة في إطار الدورة ال24 للمعرض الدولي للنشر والكتاب، للاحتفاء بمسار وتجربة الغيطاني، أنه أسس لتجربة متفردة في الأدب العربي لا سيما خلال فترة الستينات التي قدمت أسماء وازنة في الأدب والمجال السردي على الخصوص.
وأشار المنتدون إلى أن جزء هاما من أعمال الغيطاني، ابن الريف المصري والمتشبع بروح القاهرة في الآن ذاته، يعكس عوالم متعددة من الأحياء الشعبية البسيطة، مؤكدين أن أسفاره المتعددة إلى أقطار مختلفة بالعالم، وحسه المرهف في تناول التفاصيل بعين الروائي والأديب والصحفي، عوامل جعلته يبحث عن مكامن الحياة، عن الأصيل والخاص الذي يميز مكانا دون آخر، فضلا عن ورعه بالتراث العربي القديم.
واعتبر مختلف المتدخلون أن هذه الأبعاد هي التي منحت لتجربة الغيطاني هذا الكم من الخصوصية، مبرزين أنه كان حداثيا في تناوله للمادة الحكائية التي كان يستقيها من التاريخ بأدق تفاصيله، إلى جانب تفاعله الكبير مع التراث الشعبي الذي ارتبط في تصوره بالثقافة الحية.
وأضاف المنتدون أن تجربة الغيطاني أكدت أن الكاتب الحقيقي هو الذي يمتح ويستفيد من هذا التراث الحي ويجسد المتخيل المشترك، ليس فقط بين ثقافة وطنية وقومية بل التراث الإنساني بشكل عام.
ومن القيم المضافة لتجربة الغيطاني، نموذج المبدع الذي يكتب بروحانية ونهم كبيرين، حيث أنه يتناول عوالم يعرف جزئياتها وتاريخها، كما أن تخييله تأسس على معرفة دقيقة بالثقافة الحية، كشف من خلالها النقاب عن عالم آخر يعيش بيننا من المعمار والناس.
وعن الغيطاني الصحفي، تطرقوا إلى تجربته المتميزة خلال حربي الاستنزاف وستة أكتوبر مع جريدة “أخبار اليوم” المصرية، والتي دونها في تحقيقات بديعة تعتبر أرشيفا زاخرا بالمعطيات عن هذين الحدثين البارزين في التاريخ المصري المعاصر.
كما أشاروا إلى تجربته في صحيفة “أخبار الأدب” الأسبوعية الأدبية المصرية، وكيف كان من أشد المشجعين للمواهب الأدبية والفنية، لافتين إلى علاقته الخاصة بالروائي نجيب محفوظ الذي أثرت في مساره بشكل جلي.
ويعتبر جمال أحمد الغيطاني، الذي توفي في أكتوبر 2015، صاحب مشروع روائي فريد استلهم فيه من التراث المصري ليخلق عالما روائيا عجيبا يعد اليوم من أكثر التجارب الروائية نضجا وتفرادا.
ومن بين أعمال الغيطاني “الزيني بركات” التي تحولت إلى مسلسل ناجح، و”الزويل”، و”حراس البوابة الشرقية”، و”متون الأهرام”، و”شطح المدينة”، و”دنا فتدلى”، و”حكايات المؤسسة”، و”نوافذ النوافذ”، و”الرفاعي”، و”رشحات الحمراء”، و”التجليات”، و”رسالة في الصبابة والوجد”.
يذكر بأن صاحب السمو الملكي ولي العهد، الأمير مولاي الحسن، ترأس الخميس الماضي، حفل افتتاح الدورة الرابعة والعشرين للمعرض الدولي للنشر والكتاب، الذي تنظمه، تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، وزارة الثقافة والاتصال بتعاون مع الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات – المكتب الوطني للمعارض.