الرباط-عماد مجدوبي
بدعوة من الملك محمد السادس، يقوم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بزيارة إلى المغرب من 28 إلى 30 أكتوبر، برفقة وفد اقتصادي كبير. ومن المرتقب أن تتوج الزيارة بتوقيع اتفاقيات إستراتيجية ذات طابع اقتصادي بدرجة أولى.
وتهدف الزيارة، التي تأتي بعد سنوات من الجمود الدبلوماسي بين الرباط وباريس، إلى تقوية العلاقات الفرنسية-المغربية وتعزيز المشاريع الإستراتيجية المشتركة.
وفد هام من رجال الأعمال يرافق ماكرون
رغم أن المغرب يمثل 1٪ فقط من حجم التجارة الفرنسية عالميًا، إلا أنه يبقى الشريك التجاري الأول لفرنسا في أفريقيا. وتعكس زيارة ماكرون الاهتمام المتزايد للشركات الفرنسية في المنطقة، لذا تم تجهيز وفد رئاسي يضم حوالي 20 من كبار رجال الأعمال. من بين الشخصيات البارزة في الوفد روس مكينيس رئيس شركة “سافران” والرئيس المشارك لنادي رجال الأعمال الفرنسي-المغربي، إضافة إلى محمد الكتاني، الرئيس التنفيذي لبنك “التجاري وفا”‘.
يشمل الوفد أيضًا شخصيات مثل جان فيليب بويغ من مجموعة “أفريل”، وفيليب ديلور من شركة “ألستوم”، وفيليب لو غراند من شركة “إنفرانوم”، ممثلًا لقطاع البنية التحتية الرقمية الفرنسية.
يُتوقع أن يكون لشركات الطاقة الفرنسية الكبرى حضور قوي أيضًا. وأشار تقرير لمجلة ”جون أفريك” إلى أن “الاتحاد الفرنسي لأرباب العمل” (ميديف) يُرسل وفدًا منفصلًا يضم حوالي 50 عضوًا من مختلف القطاعات الاقتصادية. يبدأ برنامجهم في الدار البيضاء يوم 28 أكتوبر، حيث سيعقدون اجتماعات مع شخصيات بارزة مثل محمد مهيدية، والي الجهة، وعبد اللطيف معزوز، رئيس مجلس الجهة. ستُجرى لقاءات مع السلطات المحلية ومسؤولين من “هيئة الدار البيضاء المالية” (CFCA). يتوجه وفد ميديف لتقديم جلسة اقتصادية في الجامعة الدولية بالرباط (UIR). من المتوقع الإعلان عن شراكات مهمة، خاصة في مجال التعليم، مع توقيع شراكة بين المدرسة المركزية باريس (Centrale Supélec) وجامعة محمد السادس متعددة التخصصات (UM6P) .
كما يرتقب أن تطلق “مدرسة إدارة الأعمال إسّيك” برنامجًا تدريبيًا لتأهيل مديري المستقبل في أفريقيا اعتباراً من أول يناير المقبل. تهدف هذه الزيارة إلى وضع أسس لشراكة شاملة بين المغرب وفرنسا في مختلف القطاعات. يسعى المغرب لإنشاء صناعة سكك حديدية تلبي احتياجاته واحتياجات القارة في ظل منافسة من الشركات الإسبانية والصينية. بخصوص التحضيرات لكأس العالم لكرة القدم 2030، وبعد إنشاء “قوة مهام لكأس العالم” في أبريل الماضي، يسعى البلدان لتسريع جهودهما المشتركة. في المجال الرقمي، تخطط الدولتان لتطوير نظام مشترك في قطاع الألعاب الرقمية. وفقًا لمصدر مطلع، يُعتبر إنشاء قطاع لإنتاج ألعاب الفيديو أولوية للشراكة. يعتزم رجال الأعمال الفرنسيون دعوة الشركات المغربية للاستثمار المشترك في أوروبا، مع التركيز على القطاعات.
صفقات عسكرية وفي مجال الطاقة
وفقا لما أوردته تقارير إعلام فرنسية ومغربية، من أبرز الصفقات التي ستتم خلال الزيارة، شراء المغرب 18 مروحية عسكرية ومدنية من طراز “كاراكال” من شركة إيرباص.
يعوّل مسؤولو إيرباص الذين سيرافقون ماكرون على هذه الزيارة لتحقيق عقود مهمة، خاصة خلال “اللقاءات الاقتصادية المغربية-الفرنسية” في 29 أكتوبر، حيث يتوقع توقيع صفقة توريد المروحيات للقوات الجوية والدرك المغربي، ما يُعزز حضور إيرباص في السوق المغربية.
بالإضافة إلى ذلك، تسعى إيرباص للطائرات التجارية إلى دعم فرصها في تحديث أسطول الخطوط الملكية المغربية عبر بيع طائرات من طراز A220 وA320 وA350، في ظل الاعتماد الحالي على طائرات بوينغ وطرازات محدودة أخرى.
ومن المقرر حضور الملك محمد السادس مع الرئيس ماكرون لتوقيع اتفاقيات تغطي الطاقة المتجددة وتحلية المياه والتعليم والأمن الداخلي. ورغم التوتر في العلاقات بين البلدين في السنوات الأخيرة، ظلت فرنسا تحتفظ بعلاقة اقتصادية قوية مع المغرب كن أكبر مستثمر أجنبي ومصدر رئيسي لإيرادات السياحة والتحويلات المالية التي تسلمها الجالية المغربية. في الجانب الاستثماري، تمتلك الشركات الفرنسية أكثر من 1300 فرع في المغرب توفّر 150,000 وظيفة، مما يجعل المملكة الوجهة الأفضل للاستثمارات الفرنسية في إفريقيا.
وقد شهد حجم التبادل التجاري بين البلدين نموًا ملحوظًا ليصل إلى 14 مليار يورو عام 2023. في ظل المنافسة المتزايدة من الصين وإسبانيا في السوق المغربية، تواجه باريس تحديات في الحفاظ على مكانتها كمستثمر رئيسي. ومع ذلك، تحتاج فرنسا إلى إعادة تقييم سياساتها الاقتصادية وتطوير شراكات جديدة للتميز في السوق المغربية المتغيرة باستمرار.