دعا الملك محمد السادس إلى “اعتماد استراتيجية محكمة لتجاوز الاختلالات البنيوية التي تعاني منها ألعاب القوى في القارة الإفريقية، حتى تواكب التطورات المتسارعة التي تعرفها هذه الرياضة على الصعيد العالمي”.
وقال الملك، في رسالة وجهها إلى المشاركين في مؤتمر الكونفدرالية الإفريقية لألعاب القوى الذي افتتح اليوم الاثنين بمدينة الصخيرات في المغرب، إن ” الجوانب الإيجابية التي حققتها ألعاب القوى الإفريقية لا ينبغي أن تحجب عنا ما تعانيه في أقطارنا الإفريقية، عموما، من اختلالات بنيوية لا يمكن تجاوزها إلا باعتماد استراتيجية محكمة لمواكبة التطورات المتسارعة التي تعرفها هذه الرياضة على الصعيد العالمي”.
وأبرز ملك المغرب، في هذه الرسالة التي تلاها مستشاره عبد اللطيف المنوني، أن “هذه الاستراتيجية يتعين أن ترتكز، أساسا، على إرساء حكامة جيدة للتسيير وصقل المواهب، وتأهيل الكفاءات عبر منظومة حديثة للتأطير والتكوين، وتعزيز وتطوير البنيات التحتية، والتوفيق بين ألعاب القوى الجماهيرية وإعداد النخبة في هاته الرياضة”.
كما ينبغي أن تقوم هذه الاستراتيجية، يضيف الملك محمد السادس،”على الانفتاح تجاه القطاع الخاص في إطار شراكات ناجعة توفر الوسائل الضرورية لمصادر تمويل الخطط الإنمائية لتطوير هذا الميدان، والتي تشكل معضلة حقيقية لكثير من البلدان”. وذكر أن الرياضة عموما، وألعاب القوى على وجه الخصوص، تعد إحدى السبل الكفيلة بتنمية الشباب الإفريقي، وإدماجه في محيطه، وتعزيز مناعته ضد كل أشكال الانحراف الاجتماعي والاقتصادي والتطرف.
وانسجاما مع مخططات تنمية ألعاب القوى لكل من الاتحادين الدولي والإفريقي، أشار الملك إلى أن “المملكة اعتمدت، منذ عقد من الزمن، برنامجا تعاقديا لتأهيل ألعاب القوى الوطنية، وفق رؤية استراتيجية تروم توسيع قاعدة الممارسين، بموازاة مع تأهيل النخبة على حد سواء”.
كما دعت الرسالة الملكية إلى تعزيز منظومة تكوين الرياضيين، وتنمية البنيات الأساسية، وفق أساليب عمل حديثة ومتطورة قادرة على مواكبة مسلسل التأهيل من أجل الاستغلال الأمثل للوسائل المتاحة. وشدد على أنه “يتعين الحرص، كذلك ،على محاربة ظاهرة التعاطي للمنشطات وكل الممارسات المشينة التي تتنافى مع الأخلاق والروح الرياضية، ومع مبادئ المنافسة الشريفة”.
وبعد أن سجل الملك محمد السادس أنه بفضل هذه المبادرات والالتزامات الملموسة اكتسب المغرب ثقة المؤسسات والفاعلين الرياضيين على المستوى الدولي، توجت بشرف تمثيل المغرب للقارة الإفريقية في العصبة الماسية العريقة، قال: ” ننتظر أن تمكن هذه الاستراتيجية، والاستغلال الأمثل للوسائل المتاحة، من تكوين أبطال عالميين وصيانة مكانة المغرب ورصيده المتميز في هذا المجال”.
ومن جهة أخرى أبرز الملك أن “المغرب لم ينتظر العودة إلى مكانه الطبيعي داخل الاتحاد الإفريقي ليبرهن عن التزامه بخدمة قضايا القارة، بما في ذلك المجال الرياضي، وإنما ظل حاضرا في جميع التظاهرات الرياضية الإفريقية، بل ومحتضنا لبعضها، ومتواجدا بالأجهزة التقريرية للمؤسسات الرياضية القارية، وفي مقدمتها الكونفدرالية الإفريقية لألعاب القوى”.
وفي هذا الصدد جاء ضمن الرسالة ذاتها: “من هذا المنطلق وسيرا على نهجه التضامني في مختلف المجالات؛ المغرب مستعد، بل وملتزم، بوضع تجربته وإمكاناته في المجال الرياضي عموما، وألعاب القوى بصفة خاصة، رهن إشارة أشقائه الأفارقة، من خلال اعتماد وتفعيل مقاربات تشاركية مبتكرة عبر تطوير قنوات للتعاون ‘جنوب – جنوب’؛ تعود بالنفع على كل الأطراف”.
وعن انعقاد هذا المؤتمر بالمغرب عبر الملك محمد السادس عن تطلعه لأن تشكل هذه الدورة محطة للتفكير في عقد شراكات استراتيجية فعالة بين الاتحادات الإفريقية في مجالات التكوين والتأطير، وتبادل الخبرات وتوحيد الرؤى ووجهات النظر وتنسيق المواقف بالمنتظم الرياضي الدولي.
وقال الملك، بهذا الخصوص، مخاطبا المشاركين في الموعد الملتئم بالصخيرات: “أننا واثقون بأن مؤتمركم، كجهاز تقريري، سيرسم معالم سياسة جديدة لاستشراف آفاق واعدة، كفيلة بتمكين ألعاب القوى الإفريقية من احتلال المكانة التي تستحقها في مختلف المؤسسات والمحافل الرياضية الدولية، وكذلك من توسيع قاعدة ممارسة هذه الرياضة على مستوى القارة”.