محمد الشمسي
يمكن لأي أب أو أم أو ولي أمر تلميذ أو تلميذة أن يرفع دعوى أمام المحكمة الابتدائية حيث يقع مقر المدرسة الخصوصية التي يتمدرس فيها ابنه أو ابنته، فيصرح في صحيفة الدعوى أنه يجمعه مع المدرسة المعنية عقد بموجبه التزمت المدرسة المدعى عليها بتربية وتكوين وتعليم ولده من شتنبر 2019 إلى يونيو 2020، مقابل أدائه لها واجبا شهريا يقدر في كذا درهم، إلا أن المدرسة المعنية توقفت عن أداء واجبها في تربية وتكوين وتعليم ابنه بتاريخ 16 مارس 2020، استجابة لقرار وزارة التربية الوطنية بإغلاق المدارس وتعليق الدراسة بعدما تفشى وباء كوفيد 19 وما تلاه من فرض حالة الطوارئ الصحية ومعها حالة الحجر الصحي، وأن المدرسة المذكورة أغلقت أبوابها، وذلك من 16 مارس إلى متم يونيو 2020، ولم تنفذ التزامها الوارد في العقد، وعليه فإن الولد أو البنت لم يكمل دراسته وتعليمه طبقا لبنود العقد الذي يجمع المدرسة بولي الأمر أو الأب أو الأم، ولأن العقد شريعة المتعاقدين، ولأن النتيجة المنشودة في العقد لم تتحقق، فتكون مسؤولية المدرسة ثابتة عن إخلالها بالتزامها في تعليم وتربية وتكوين التلميذ أو التلميذة، ويلتمس المدعي من المحكمة أن تحكم على المدرسة بتعويضه عما أصاب ابنه أو ابنته من ضرر نتيجة عدم تمدرسه عن أشهر من منتصف مارس إلى يونيو 2020، ويحدد مبلغا من المال هو حر في مقداره، مادام أمر تعويض ما فاته من دروس بات مستحيلا لأن مدة العقد تنتهي بانتهاء الموسم الدراسي .
وخلال جواب المدرسة الخصوصية فهي حتما ستدفع بكون عدم إتمام الموسم الدراسي وعدم تنفيذ كل شروط العقد من منتصف مارس 2020 إلى متم يونيو2020 راجع إلى قرار رسمي وزاري أمر بتعليق الدراسة وإغلاق جميع مدارس المملكة الخاصة والعامة وكذا المعاهد والجامعات بعد تفشي وباء كوفيد 19، وأن الأمر كان خارج استطاعة وقدرة ورغبة المدرسة، وقد تذهب المدرسة إلى توصيف الوضع بالحالة القاهرة وتدفع بها، وقد تستدرك المدرسة أنها واصلت تعليم الطفل أو الطفلة عن بعد، وأنها جندت لذلك طاقمها التربوي والإداري لإنجاح العملية وأنها نجحت في ذلك.
ويُعقّب الأب أو الأم بأن تفشي الأوبئة لا يدخل ضمن حالات القوة القاهرة، وأن ما سمته المدرسة الخاصة بالتعليم عن بعد لم يكن محط اتفاق مسبق بين الطرفين ولا هو شرط في العقد، وأن ابنه أو ابنته لم يستفد من أي تعليم عن بعد، وأنه فوجئ بإدارة المدرسة تدخل رقم هاتفه ابشخصي ضمن مجموعة على تطبيق التراسل الفوري نهاية مارس 2020، وأنه وجد أن التعليم عن بعد هو مكلف من الناحية المالية لما يتطلبه من إمكانيات وتجهيزات، ومكلف من الناحية الصحية على ابنه أو ابنته على مستوى العينين والرقبة والظهر، وعلى المستوى النفسي من خلال تأثير شاشة الهاتف أو الحاسوب على نفسية الطفل وشروعه في الإدمان على تلك الأجهزة التي كان الأب أو الأم يحرص على عدم إفراطه في استعمالها، وأنه أوقف تعامل ابنه مع ذلك التعليم حماية لصحته ونفسيته.
وفي الأخير ستحكم المحكمة بأحد الحكمين وفي كليهما منفعة للأب أو الأم، إما أنها ستقول بالقوة القاهرة وأن المدرسة لم تنفذ التزامها لسبب خارج عن إرادتها، وفي هذه الحالة ستحكم برفض الطلب، وحينها يصبح هذا الحكم حجة بيد الأب أو الأم ضد المدرسة الخاصة إذا ما طالبته بأداء الواجبات الشهرية عن منتصف مارس وأشهر ابريل و ماي ويونيو، لأن قوة القاهرة مثلما سرت على المدرسة واستفادت منها، فهي تسري كذلك على آباء وأمهات وأولياء التلاميذ وهي تمنع المدرسة الخاصة من استخلاص الواجبات الشهرية عن المدة التي توقفت فيها الدراسة، ولا يمكن تحصيل واجبات شهرية عن أشهر لم تقدم فيها المدرسة للتلميذ أو التلميذة شيئا بسبب قوة قاهرة، مادامت هذه القوة القاهرة قهرت طرفي العقد معا، فلا المدرسة تستحق الواجبات الشهرية ولا الأب أو الأم يمكن ان يطالبها بإتمام العام الدراسي او بالتعويض، وأما التعليم عن بعد الذي تشبثت به المدرسة الخاصة فلم يكن موضوع اتفاق مسبق بينها وبين المدعي، ولا وجود له ضمن العقد الذي يجمع الطرفين، وأنه بالتالي غير ملزم للمدعي، دون حاجة إلى الحسم في مدى نجاعته وفعاليته خاصة بعد استبعاده من الامتحانات من طرف الوزارة المكلفة بالقطاع، وقد تحكم المحكمة وفق طلب الأب أو الأم أو ولي الأمر.
فلا تتركوا المدارس الخاصة تفزعكم أو ترهبكم بإنذاراتها أو تهديداتها، فإن كان معها المال فمعكم القانون، ويكفي أننا جميعا عرفنا أي معدن وطينة الكثير من هذه المدارس الخاصة التي انتقلت من مص العرق ومص الدماء إلى أكل أموال الناس بالباطل.
محامي بهيئة المحامين بالدار البيضاء