أكد عبد القادر الفيلالي، الباحث المغربي الكندي، في قراءة لكتب الباحث ميريام لوي” ثروة النفط وفقر السياسة” أن الجيش الجزائري يلعب دورا سياسيا مهما منذ عام 1962 في قرارات صنع السياسة في البلاد، وفقا لرؤى الأحزاب السياسية. ويرى الفيلالي أن هذه العملية الطويلة لتوحيد السلطة مع المؤسسات الضعيفة يطلق عليها اسم “استكمال التحنيط”. وتزعم ميريام لوي أن البنية السابقة للمجتمع هي التي تقدم النخب السياسية إضافة إلى مجموعة متنوعة من الخيارات التي يكون فيها قرارها أهم عامل في استنساخ النظام الاستبدادي في الجزائر، الذي “لم يتغير إلى حد كبير في تكوينه واستراتيجيته'”.
ومن خلال دراسة عملية تشكيل الدولة عبر تاريخ الجزائر، الممتد من الحكم الاستعماري الفرنسي حتى الحرب الأهلية التي امتدت في أوائل التسعينات، ثم مقارنة الحالة الجزائرية بخمس دول مشابهة مُصدِّرة للنفط، أظهرت “ميريام لوي” كيف أن النفط لم يكن له أي تأثير سببي على قوة الاستبداد أو ضعف مؤسسات الدولة السائدة في الجزائر. بدلا من ذلك، ترجعها لوي إلى الاستراتيجيات التي تستخدمها النخبة السياسية من أجل إضعاف أي معارضة للدولة، بما في ذلك استراتيجيات القمع، والخيار المشترك والتلاعب.
وأكد الفيلالي أن الهدف من إعادة ترتيب الضباط العسكريين من الدرجة الثانية، أي الجيش المتوسط، هو إزالة كل أولئك الذين كانوا على صلة بالرئيس السابق لجهاز الاستخبارات، الجنرال محمد مديان، المعروف باسم الجنرال توفيق. إضافة إلى أن التغييرات الأخيرة تسبق زمنيا الهيكل الشامل للجيش، إذ أنها تستعد لخوض الانتخابات التشريعية والمحلية في العام المقبل، قبل الوصول إلى الانتخابات الرئاسية في عام 2019. ترتبط هذه التغييرات بشكل مباشر بالقانون الجديد الذي يمنع الجنود المتقاعدين من التصريح والمشاركة في الشأن العام، وتجدر الإشارة هنا إلى حادث الجنرال المتقاعد حسين بن حديد، الذي أطلق تصريحات قاسية ضد الرئيس بوتفليقة.
وذهب الفيلالي إلى أن الرئاسة والقيادة العسكرية استراتيجية وقائية من أجل حماية الجانبين وذلك لضمان نجاح الرئيس بوتفليقة. ويمكن رؤية تأثير نائب وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش أحمد قايد صالح بوضوح في إعادة تشكيل الضباط العسكريين. فإنجاز عملية التحنيط رهين بالحفاظ على الحراس القدامى. إذ لم تؤثر التغييرات على كبار القادة، باستثناء رئيس أركان القوات البرية الذي تم تعويضه من قبل اللواء عمر التلمساني، وهو من سلالة من ولاية تلمسان (مسقط رأس الرئيس بوتفليقة).