الرباط-عماد مجدوبي
اجتازت العلاقات المغربية الفرنسية، حالة الجمود الدبلوماسي الذي طبعها لأشهر عديدة، بسبب خلافات حادة بين الرباط وباريس في العديد من القضايا، كان أبرزها تعنت حكومة ماكرون في السير على حدو العديد من الدول الكبرى، بخصوص مغربية الصحراء.
وتميزت الأشهر الأخيرة، بسلسلة من المستجدات التي تعطي انطباعا عن تحسن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، لكن يظل اللبس سائدا بشأن الموقف الفرنسي من قضية الصحراء وبات يتطلب الوضوح أكثر من أي وقت مضى.
شكلت الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية الفرنسي، ستيفان سيجورني، إلى الرباط، يومي 25 و 26 فبراير، اخر تمظهرات تحسن العلاقات، بعد أيام قليلة، من استقبال شقيقات الملك، الأميرات للا مريم وللا أسماء وللا حسناء، بتعليمات ملكية، من قبل السيدة الأولى لفرنسا، بريجيت ماكرون، وهي خطوة رمزية للغاية في سيرورة العلاقات بين المملكة وفرنسا.
خلال منتصف أكتوبر – بعد وقت قصير من الاجتماع بين برونو لومير، وزير الاقتصاد الفرنسي، وعزيز أخنوش، رئيس الوزراء المغربي، خلال الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، في مراكش – عينت الرباط سفيرة جديدة لها بباريس، سميرة سيطايل، الوجه المعروف لدى النخب الباريسية، مما يكشف عن التطلعات المغربية. وفي وقت سابق من شتنبر، استقبل الملك محمد السادس رسميا كريستوف لوكوتييه، السفير الفرنسي بالرباط، لتقديم أوراق اعتماده، بعد عدة أشهر من الانتظار.
هناك إذن مؤشرات واضحة على تجاوز سوء الفهم، لكن هل سيصمد ذلك في ظل عدم توضيح أو تغيير في موقف باريس من قضية مغربية الصحراء؟. ومن المرجح أن يكون هذا السؤال موضوع نقاشات بين الجانبين.
وكان الملك محمد السادس قد قال في خطاب ألقاه سنة 2022، بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، “إن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات”، وهي رسالة واضحة التقطها الفرنسيون بشكل جيد.
لكن يبدو أن هناك تفسير واحد لضبابية الموقف الفرنسي من مغربية الصحراء، يكمن برغبتها في الحفاظ على توازنها التقليدي بين الرباط والجزائر العاصمة. في المقابل تشير مجلة “جون افريك“، أن زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى المغرب تحمل اشارات “إيجابية”، وتمنح ضمانات للمسؤولين المغاربة، قد ينتج عنه الإعلان رسميا عن الموقف الفرنسي خلال زيارته المستقبلية للرباط.
وأوضحت الصحيفة أن أي تعديل في موقف باريس من مغربية الصحراء، سيتلوه احتجاج جزائري يصل إلى استدعاء سفيرها، مبرزة أنه بسبب العداء القوي بين المغرب وجارته الجزائر، يجعل أي “مصالحة” فرنسية مغربية، نهاية التوازن الذي قامت به باريس، بعد عدة سنوات من محاولات التقارب بين فرنسا والجزائر.
باريس تدرك أن التقارب مع الجزائر، الذي كان الرئيس ماكرون يأمل فيه، لن يؤدي إلى المصالحة التاريخية المنشودة. وبدلاً من ذلك، أعادت الجزائر، شريط مناهضة فرنسا.