بدأت الأسباب الحقيقية التي دفعت إلياس العماري، زعيم “البام”، إلى تقديم استقالته من قيادة الحزب تظهر تباعا. أول هذه الأسباب، وفق ما ذهب إليه أول أمين عامّ لحزب “الجرار”، حسن بنعدي، في حوار نشر خطوطَه العريضة موقع “البيجيدي”، هو “احتراق” ورقة العماري و”موت” البام. وهو ما يقود، وفق المتحدث ذاته، إلى طرح السؤال عن مدى قدرة البام على أن يعود إلى الحياة، بعد مراجعة عميقة لمشروعه ومنطلقاته حتى يصبح حزبا جديرا بالاحترام.
وأكد بنعدي في الحوار ذاته، أنه كان يرفض أن يقود العماري الأصالة والمعاصرة، لأنه يعرف أن “مشاكل الحزب ستزيد أكثر”، مؤكدا أن مشاكل إلياس التي عجّلت بـ”موت” البام هي نفسها التي أطاحت بالعماري من على رأس “الجرار”، إذ زاد العماري من نفور المغاربة من حزبه، بسبب خطاباته وتصريحاته، الطائشة أحيانا، وغير المضبوطة أحيانا أخرى، وهو ما لخّصه بنعدي بقوله “أخطأنا في التواصل مع الناس، كما أخطأنا في الممارسة السياسية”، إذ من الخطأ أن يقال، في مجتمع مسلم منذ 13 قرناً: “أتيت لمحاربة الإسلاميين!”..
لقد نجحوا في جعل البام “جهازا لكسب الانتخابات، لكنهم فشلوا في جعله حزبا سياسيا، لأن الحزب السياسي يحتاج إلى رؤية للمستقبل، منها ينبثق البرنامج، ثم إلى حكامة معينة تنظم الاجتهاد المشترك والعمل الجماعي والمنافسة الشريفة والمشروعة، بالإضافة إلى سياسة تواصلية مضبوطة”، بتعبير أول أمين عامّ لحزب “التراكتور”.
وقبل الحديث عن الوصفة التي يمكن أن يعتمدها الأصالة والمعاصرة حاليا ليكون حزبا حقيقيا وعاديا، مثل باقي الأحزاب الوطنية، وهي خدمة المغاربة بـ”المعقولْ”، بالاستناد إلى مشروع سياسي حقيقي يستطيع إيجاد الحلول لعدد من المعضلات التي يتخبط فيها المغرب والمغاربة، صار لزاماً التساؤل كيف يمكن لـ”البام” أن يُعيد الحياة لنفسه؟ وجوابا عن هذا السؤال، فإن على الأصالة والمعاصرة حتى يتجنّب الاندثار أن يرسّخ قواعد الحكامة الحزبية وشروط التنافس الحقيقية وعدم البحث فقط عن المواقع، حسب بنعدي، الذي أضاف أنّ “البام لن يخترع العجلة.. طرق الحكامة الحزبية موجودة، مع ضرورة وجود رؤية واضحة، وضبط السياسة التواصلية”.
وانتهى أول أمين عامّ لـ”البّام” إلى خلاصة مفادها أنّ مستقبل هذا الحزب بيد أعضائه، ما عبّر عنه بقوله: “إذا تحمّلوا المسؤولية سيُكتب لهذا الحزب البقاء ويستمر في هذا البلد لأنه محتاج إليه.. لن يستطيع البام الدفاع عن التعددية إلا إذا كان حزبا حقيقيا”.