الرباط-عماد مجدوبي
صادق مجلس النواب، في ساعة مبكرة الأربعاء 4 دجنبر الجاري، على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، وذلك بعد جلسة ماراطونية استمرت قرابة 17 ساعة.
وجاء التصويت على المشروع بعد مناقشات مستفيضة وتقديم العديد من التعديلات، حيث أيد المشروع 22 نائباً، في حين عارضه 7 نواب يمثلون فرق الأغلبية والمعارضة.
إلا أن المشروع لقي انتقادات حادة، بلغت إلى حد وصفه من قبل تنظيمات نقابية وأحزاب سياسية على أنه ”مخالف للدستور”.
يعتبر حق الإضراب من الحقوق النقابية الأساسية التي كفلها الدستور المغربي، إلا أن ممارسته تخضع لقانون تنظيمي يحدد شروطها وإجراءاتها. هذا التنظيم يثير تساؤلات حول مدى انسجامه مع الدستور، وهل يفرض قيوداً غير دستورية على هذا الحق؟
وينص الفصل 29 من الدستور المغربي على أن “حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي، وتأسيس الجمعيات، والانتماء النقابي والسياسي مضمونة. ويحدد القانون شروط ممارسة هذه الحريات. حق الإضراب مضمون. ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسته”.
يكرس الدستور المغربي الحق في الإضراب كحق أساسي من حقوق الإنسان، ويؤكد على أهميته في الدفاع عن الحقوق والمصالح المشروعة للعمال. لكن الدستور يترك الباب مفتوحاً للقانون لتحديد الشروط والإجراءات التي تضمن ممارسة هذا الحق بشكل سلمي ومنظم.
يهدف قانون الإضراب إلى تنظيم ممارسة هذا الحق، وتحديد الإجراءات التي يجب اتباعها قبل اللجوء إليه، وكذا تحديد القطاعات الحيوية التي لا يسمح فيها بالإضراب. يهدف هذا القانون كذلك إلى حماية المصلحة العامة وحقوق الأطراف الأخرى المتضررة من الإضراب.
يرى بعض النقاد أن قانون الإضراب الجديد يفرض قيوداً شديدة على حق الإضراب، خاصة فيما يتعلق بشروط إشعار الإدارة، وتحديد الخدمات الأساسية التي لا يمكن إضرابها، والعقوبات المترتبة على الإضرابات غير القانونية.
لتقييم مدى دستورية قانون الإضراب، يجب مقارنته بأحكام الدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب. كما يجب الأخذ بعين الاعتبار الممارسة القضائية في هذا الشأن.
يعتبر مبدأ التناسب من المبادئ الأساسية في تقييم دستورية القوانين. يجب أن تكون القيود المفروضة على حق الإضراب متناسبة مع الغايات المشروعة التي تسعى إلى تحقيقها، مثل حماية المصلحة العامة.
تلعب المحاكم دورًا حاسمًا في تفسير وتطبيق قانون الإضراب، وفي الفصل في النزاعات التي تنشأ حول تطبيقه. وقد أصدرت المحاكم المغربية العديد من الأحكام التي تناولت قضايا تتعلق بحق الإضراب، مما يواجه قانون الإضراب المغربي تحديات عدة، من بينها التغيرات التي يشهدها عالم العمل، وتطور العلاقات الاجتماعية، وتزايد المطالب العمالية. كما أن هناك حاجة إلى تكييف هذا القانون مع التطورات التشريعية والقضائية الدولية.
ترى النقابات أن قانون الإضراب يضع قيوداً تعيق ممارسة هذا الحق بشكل فعال، وتطالب بتعديله لجعله أكثر انسجامًا مع المعايير الدولية.
فيما تؤكد الحكومة على ضرورة تنظيم ممارسة حق الإضراب للحفاظ على المصلحة العامة، وتعتبر أن القانون الحالي يوفر الإطار القانوني المناسب لذلك.