يوسف المرزوقي- الرباط
وضع الغزو الروسي لدولة أوكرانيا، دولا أوروبية في أزمة غير مسبوقة في مجال الطاقة، مما دفعها نحو البحث عن بدائل أخرى؛ كما أن الأزمة بين المغرب من جهة وبين جارتيه إسبانيا والجزائر، زادت من تعقيد المأمورية، خصوصا حين عمدت الأخيرة بتوقيف إمدادات الغاز عبر الأنبوب المغاربي الذي يمر عبر التراب الوطني للمملكة، نهاية شهر أكتوبر الماضي، بسبب أزمة ”مفتعلة” لا أسباب واضحة لها
وكشفت تقارير إعلام إسبانية، أن الجارة الشمالية للمغرب، باتت تطالب الجزائر بمزيد من إمدادات الغاز الذي تحتاجه أوروبا في الوقت الحاضر أكثر من أي وقت مضى، خصوصا بعد دخول القارة العجوز، في توتر مع أحد مزوديها الرئيسيين، وهي روسيا، بفعل مناهضتها لاجتياح أوركرانيا.
وتقول المصادر إن مدريد تضغط بقوة على الجزائر لزيادة نسب الإمدادات، حيث ظلت نائبة رئيس الحكومة الإسبانية ووزيرة التحول البيئي، تيريزا ريبيرا، منذ 18 فبراير الماضي، على اتصالات دائمة مع الحكومة الجزائرية لمطالبتهم بمزيد من الغاز؛ وذلك بغرض ضمان الإكتفاء في مواجهة التوتر الناجم عن الغزو الروسي لأوكرانيا.
ورغم أن المسؤولة الإسبانية، تؤكد أن الجزائر على استعداد لتلبية ”الاحتياجات المحتمل أن تزداد في الأيام القليلة المقبلة”؛ إلا أن القرارات غير الصائبة للجارة الشرقية ولحكام المرادية، وضعهم في مأزق حقيقي، لكون الأنبوب الجديد ”ميدغاز”، البديل للأنبوب المغاربي الذي يمر من المغرب، لا ينقل الكميات المطلوبة بالشكل الكافي، وغالبا ما يتعرض لأعطاب تجعله غير مضمون؛ مما قد يدفع إسبانيا نحو الضغط على الجزائر لإعادة تشغيل الأنبوب المغاربي في أقرب وقت ممكن، بغرض الحصول على مستوى أعلى من الإحتياطات من الغاز المسال.
تنتقد تقارير إسبانية عدم قيام أكبر شركة إسبانية للغاز ” Enagás”، بـ ”إصلاح جذري لاستراتيجتها خلال شهر مارس الجاري، منذ بداية فبراير الماضي”، وتعقد الوضع أكثر باندلاع الحرب الروسية- الأوكرانية؛ التي قلبت الموازين وصارت إسبانيا هي المصدرة لأوروبا نفس الكميات التي كانت تخطط لتسلمها !”.
ومما زاد الأمور تعقيدا؛ هو أن مدريد والجزائر أرجأتا توسيع أنابيب الغاز ” ميغاز” لعدة أشهر، ولم يبدأ العمل به سوى خلال يناير الماضي، رغم أنه المصدر الوحيد لوصول الغاز نحو أوروبا، بعد توقيف العمل بالخط المغاربي.
وترى التقارير الإعلامية الإسبانية، أن خط أنابيب الغاز المغاربي، العابر للمغرب، لا يزال في حالة جيدة، وهي إشارات تريد من خلالها الصحافة المحلية، الضغط على حكومة بلادها للعودة إليه والإستعانة به، نظرا لنقله كميات مهمة ونسبة مضمونيته عالية؛ لكن هذا الأمر يصطدم بعدة مطبات، فالعلاقات بين المغرب وإسبانيا متذبذبة، وغير واضح ما إذا كانت الأزمة بين البلدين قد انتهت أم لا، لكن كل المؤشرات تدل أن ”أزمة صامتة” تعتري العلاقات بين الرباط ومدريد، بسبب موقف الأخير ”الضبابي” من مغربية الصحراء، في حين ترغب المملكة في موقف واضح لا يعتريه غبار، إسوة بدول عظمى مثل أمريكا وفرنسا وألمانيا…
من جهة ثانية، تشهد العلاقات بين المغرب والجزائر توترا غير مسبوق، يصعب من خلاله اتخاذ قرار موحد يقضي بإعادة تشغيل الأنبوب المغاربي؛ فحكام المرادية؛ ومنذ وصول الرئيس عبد المجيد تبون، إلى الرئاسة، صارت مواقفهم تتجه نحو مزيد من العداوة تجاه الرباط؛ باختلاق العديد من الأزمات في ظرف وجيز جدا، وصل حد التهديد، وهو ما لم تعره المملكة أي اهتمام.
البرتغال تدخل على الخط
طرح الرئيس البرتغالي؛ أنطونيو كوستا؛ على طاولة المجلس الأوروبي، الحاجة إلى ضرورة تقوية الإمدادات الغازية لشبه الجزيرة الإيبرية مع وسط أوربا؛ فهمت المفوضية الأوروبية الإشارة، لكن بخيارات محدودة.
كررت وزيرة التحول البيئي الإسبانية؛ ريبيرا؛ ما قاله الرئيس البرتغالي، أمس الإثنين 28 فبراير؛ رغم أنها لم تحدد المتضرر الأكبر من نقص الإمدادات، هل شركات الغاز أم الكهرباء؛ لكن الأرقام تشير إلى أن كلاهما أقل بكثير من المتوقع.
ورغم أن المجلس الأوروبي لا يتوقع ”خطرا” مباشرا على أمن الإمدادات؛ إلا أن المفوضية الأوربية تضع اللمسات الأخيرة لخطة تهدف إلى”تحسين التنسيق الإقليمي وكذلك تحديد عمل آليات التضامن في حالة الضرورة”، وستصدرها على شكل بلاغ في القادم من الأيام.