محمد واموسي
شرع المغرب في إنشاء أكبر محطة لتحلية مياه البحر في افريقيا،تكون أضخم بكثير من باقي المحطات التي كان قد أنشأها منذ سبعينيات القرن الماضي لمواجهة تحدي شح الأمطار و ضمان الأمن المائي للبلاد
المشروع المغربي الجديد هدفه الرئيسي الابتعاد تدريجيا عن خط الفقر المائي، بعد أن صار الماء مشكلة استراتيجية للبلاد في ظل تواصل الجفاف الذي يضرب شمال القارة الأفريقية خلال السنوات الأخيرة، لذلك وجه الملك محمد السادس الحكومة بتسريع وتيرة تنفيذ برنامج تشييد محطات تحلية مياه البحر كأحد الحلول البديلة لتغطية العجز الحاصل في المياه بالبلاد
اليوم تعاني العديد من جهات البلاد نقصا كبيرا في الماء الشروب نتيجة جفاف السدود التي كانت المملكة تعتمد عليها بشكل رئيسي لتغطية حاجيات السكان في فترات احتباس الأمطار،لذلك فإن إحداث أكبر محطة لتحلية مياه البحر على مستوى أفريقيا، بطاقة 300 مليون متر مكعب سنويا، سيحدث تحولا بنيويا في قضية الماء في المغرب و يبعد البلاد عن خط الفقر المائي مع أن هذا غير كافيا
أحدث المغرب أول محطة لتحلية مياه البحر سنة 1976 في مدينة طرفاية جنوب البلاد، وكانت قدرتها 70 مترا مكعبا في اليوم ، تلتها مدينة بوجدور جنوب البلاد ب 250 مترا مكعبا في اليوم، وقد كانت الكميات ضعيفة نظرا للتكلفة المرتفعة لطرق التقطير المستعملة آنذاك، ولغياب التقنيات المستعملة حاليا
ثم بعدها جاءت محطة تحلية مياه البحر في مدينة أكادير وسط المغرب، أكبر محطات تحلية مياه البحر بمنطقة المتوسط وإفريقيا، و الأولى التي تجمع بين الماء الشروب و السقي، بسعة بلغت في المرحلة الأولى 275 ألف متر مكعب في اليوم، 150 ألف متر مكعب منها للماء الشروب، و الباقي للسقي، ليتم لاحقا تقليص كلفة الإنتاج بتوظيف أحدث التكنولوجيا
كما أطلق المغرب مشروعا آخر لتحلية مياه البحر في مدينة الحسيمة شمال البلاد،لتعزيز تزويد المدينة و المناطق المجاورة لها بالماء الشروب بصبيب إضافي يبلغ حوالي 17 ألف و 280 مترا مكعبا يوميا.
و في العام 2016 دشن الملك محمد السادس المرحلة الأولى من مشروع معمل لتحلية مياه البحر، بالمركب الصناعي الجرف الأصفر،بالتوازي مع حزمة مشاريع تتضمن بناء 3 سدود في شمال البلاد استجابة للاحتياجات المتزايدة المتعلقة بالمياه شمال البلاد
آفة ندرة المياه ستكون مشكلة مزمنة إذا لم تتمكن السلطات المغربية من إيجاد حلول جذرية وعاجلة على المدى القريب، لتطوير إمكانيات البلاد في تخزين المياه للابتعاد تدريجيا عن خط الفقر المائي في كل مناطق البلاد
نحن فعلا أمام تحدي كبير ، لأن ظاهرة ندرة المياه ستصبح مشكلة استراتيجية لدول شمال أفريقيا في حال لم تتمكن الحكومات فيها من إيجاد حلول جذرية وعاجلة على المدى القريب لتطوير إمكانيات بلدانها في تخزين المياه
من بضعة أيام انضم الماء إلى الذهب و النفط للمرة الأولى في تاريخ البشرية كسلعة يتم تداولها في بورصة وول ستريت وسط مخاوف من ندرته في كوكب الأرض،فكل المؤشرات البيئية تتوقع أن يتسبب تغير المناخ والجفاف والنمو السكاني والتلوث إلى جعل قضايا ندرة المياه موضوعاً ساخناً خلال السنوات المقبلة بدءا من العام الجديد المقبل
لو استطاع المغرب، تحلية مياه البحر بكميات كبيرة جدا وبتكلفة منخفضة سيصبح في مأمن مستقبلا،خاصة و أن الله حباه بواجهتين بحريتين تمتدان على المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط على طول 3500 كلم
و هذا يحسده عليه كثيرون