الدار البيضاء-أسماء خيندوف
أثارت تصريحات ترامب الأخيرة حول تهجير الفلسطينيين من غزة جدلا واسعا، حيث اقترح نقل جزء من سكان القطاع إلى الأردن ومصر، مما وضع حلفاءه العرب في مأزق، وفتح بابا للنقاش حول تداعيات هذا المقترح على الاستقرار الإقليمي.
و في مقال للرأي نشرته صحيفة “واشنطن بوست” الامريكية، أكد الكاتب ديفيد اغناشيوس أن تصريح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشأن غزة قد شكل خطأ كبيرا في السياسة الخارجية، وجعل حلفاءه العرب في حالة من الإنذار. و جاء ذلك بعد أن صرح ترامب يوم السبت 27 يناير 2025 بأنه يفضل “تطهير” غزة عبر نقل جزء من سكانها إلى الأردن ومصر، وهو ما أثار دهشة القادة العرب المعتدلين الذين كانوا يتطلعون للعمل معه.
ورغم أن هذا الاقتراح قد يكون ناتجا عن دافع شخصي أكثر من كونه سياسة مدروسة، إلا أنه أحدث اضطرابا كبيرا في الأوساط السياسية. فالفكرة التي طرحها ترامب، والتي تقضي بنقل الفلسطينيين من غزة إلى دول مجاورة، قد تعرض استقرار الحكومات العربية المعتدلة في المنطقة للخطر.
كما اعتبر أحد المسؤولين العرب أن اقتراح ترامب يعكس أكثر عقلية رجل أعمال في مجال العقارات بدلا من نهج سياسي مدروس. وقد تم طرح هذا الاقتراح على متن الطائرة الرئاسية “إير فورس وان” بعد محادثة خاصة مع الملك عبد الله الثاني ملك الأردن، الذي رغم رغبته في التعاون مع ترامب، لا يستطيع المخاطرة بزعزعة استقرار بلاده بسبب تدفق محتمل للاجئين.
وفي رد فعل سريع، أكد وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، رفض بلاده القاطع لمقترح نقل الفلسطينيين، فيما أكدت مصر أيضًا أنها لن تكون جزءا من أي حل يتضمن نقل الفلسطينيين إلى سيناء. و حتى مؤيدو ترامب من العرب عبروا عن خيبة أملهم، حيث أعلن بشارة بحبح، رئيس منظمة “عرب أمريكيون من أجل ترامب”، رفضه القاطع لمقترح الرئيس الأمريكي.
و تعكس تصريحات ترامب نمطا قديما بدأ يظهر منذ بداية فترة حكمه، وهو الميل لإثارة خلافات غير ضرورية حول قضايا شخصية. ومن خلال دخوله في صراعات مع حلفائه التقليديين، من الدنمارك إلى كندا، يظهر ترامب أنه ينسى أن السياسة الخارجية تتطلب إقامة تحالفات قوية، وليس إطلاق تصريحات تزعزع الاستقرار.
ويأتي هذا التصريح في وقت حساس للمنطقة، التي تسعى جاهدة للتعافي من الحروب والصراعات المستمرة، حيث أن اتفاقات وقف إطلاق النار في غزة ولبنان قد تصبح هشة في حال تم تنفيذ هذا الاقتراح. كما يهدد ترامب في ذلك بتفاقم الأوضاع بدلاً من المساعدة في تهدئتها.