الرباط-أسامة بلفقير
كشفت وثائق سرية أن إجراءات مشروع مصادرة مباني التابعة للسفارة الجزائرية وسط العاصمة الرباط، ليس وليد اليوم، بل يعود إلى سنتين مضت على أقل تقدير.
وتظهرالوثائق أن عملية الشروع في المصادرة، تمت بشكل ودي، حتى وقت قريب بين البلدين، ما يدحض رواية أي ”خطوة استفزازية”، كما ادعت وزارة الخارجية الجزائرية في بلاغ لها الصادر أول أمس السبت 17 مارس الجاري.
ويُبين محتوى وثائق، التي وقعها القنصل العام للجزائر بالدار البيضاء، وتحمل تاريخ 20 ماي 2022 ، أن السلطات الجزائرية ليس لديها أي اعتراض ضد عملية المصادرة هذه، وتشير أيضا إلى أن السلطات الجزائرية قد بدأت بالفعل في إجراء تقييم مالي وعقاري للعقار المعني، وكانت ترغب كذلك في أن يكون العقار موضوع “عملية تبادل أو إعادة ملكية”، حيث تسعى الجزائر، في المقابل، استعادة مبنى تم توفيره للبعثة الدبلوماسية المغربية بالجزائر العاصمة “في إطار تنفيذ عملية الاسترداد”.
وذكرت السلطات الجزائرية في رسالتها رغبتها في مصادرة عقار تعود ملكيته للمغرب، يقع على مستوى شارع فرانكلين روزفلت، بالقرب من قصر الشعب ، وسط العاصمة الجزائرية.
ويبدو أن الخارجية الجزائرية قد استغلت التوتر الحاصل حاليا بين الرباط والجزائر وانهيار العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الجارين، لتقع في فخ المبالغة والتضخيم، كما اتضح في الأسلوب المستعمل في بلاغ الخارجية الجزائرية، واللجوء إلى عبارات من قبل ” التصعيد” و ”سلوكيات استفزازية”، بل ولغة تهديدية كعبارة ” الرد في الوقت المناسب” الواردة في بلاغ وزارة أحمد عطاف.
في سياق متصل أكد دبلوماسي مغربي لصحيفة ”جون أفريك”، أن إجراءات مصادرة العقارات الموجودة في الرباط التابعة للدولة الجزائرية لا تتعلق على الإطلاق بمستشارية ومقر إقامة السفارة الجزائرية السابقة في المغرب، والتي تظل “تحظى بالاحترام والحماية من قبل الدولة المغربية، حتى بعد قطع العلاقات الدبلوماسية من قبل الجزائر في غشت 2021”.
واستهدفت عملية المصادرة مباني مهجورة، مجاورة مباشرة لمقر وزارة الخارجية المغربية، وذلك في إطار عملية توسعية شملت العديد من المباني الدبلوماسية في السنوات الأخيرة ، حيث تم مصادرة ممتلكات دول أخرى مثل ساحل العاج وسويسرا.
ويقول المصدر الدبلوماسي للصحيفة إنه ”وفقا لقانون نزع الملكية للمنفعة العامة، كانت السلطات الجزائرية، منذ يناير 2022، على اطلاع وثيق على النحو الواجب على جميع امراحل العملية وبشفافية كاملة”، مشيرا إلى أن خارجية بوريطة أبلغت رسميا وفي عدة مناسبات السلطات الجزائرية برغبة الدولة المغربية في الحصول على المقر المذكور بطريقة ودية.
وصرح الدبلوماسي المغربي بأن القنصل العام للجزائر بالدار البيضاء، تم استقباله في الوزارة حول هذا الموضوع، “ما لا يقل عن أربع مرات، وتم إحالة ثمانية كتابات رسمية إلى السلطات الجزائرية التي ردت بما لا يقل عن خمس كتابات رسمية”.
وأكد أن “السلطات الجزائرية ردت في اثنين من كتاباتها على العرض المغربي بالإشارة إلى أن “تقييم الدولة لهذه العقارات جار وأنه ستعلن نتائجه فور الانتهاء منه”، قبل أن يضيف: ”سيتم أفراغ عن المبنى من محتوياته وفقًا للممارسات الدبلوماسية بمجرد الانتهاء من عملية البيع على النحو الواجب، مع الإصرار على أن “المغرب لم يكن أبدا في منطق التصعيد أو الاستفزاز”.