محمد الشمسي
كان عليكم ألا تخبرونا أن القضية هي قضية كل الأمة، وألا توفدوا الجند من كل فج عربي سنتها لتسيل دماؤهم هباء، وحتى القدس ما كان عليكم أن تخبرونا أن لنا فيه حظ ونصيب، ونصرتها واجبة ولو باللسان وذلك أضعف الإيمان، لماذا أقحمتم عن قصد وسابق إصرار في مقرراتنا الدراسية شعر محمود درويش وسميح قاسم ونحن يافعون بلهاء نؤمن بمقررات الوزارة؟، لماذا تركتمونا نردد مع محمود درويش “سجل أنا عربي”؟، فها أنتم تثبتون أن درويش هذا ليس عربيا بل هو مجرد فلسطيني منبوذ، ومذكرات هرتزل أفضل من هرطقته، فما عاد يعنينا رقم بطاقته ولا عدد أطفاله، لماذا تركتمونا نهيم في التغني مع سميح قاسم، منتصب القامة أمشي …مرفوع الهامة أمشي ..في كفي قصفة زيتون … على كتفي نعشي، فليذهب حيث شاء وكيف شاء؟…ولا يهم إن كان قلبه قمرا أو بستانا، فلا قلب إلا ذاك المشوي على نار هادئة في سوق أسبوعي.
اليوم تدفنون ماضينا وأحلامنا وأوهامنا، وتصعقوننا بتيار موجع، لتقولوا لنا لقد غيرنا الوجهة وغيرنا القريب وغيرنا العنوان..وما بات الفلسطينيون أهلنا.
نودع اليوم فلسطين ونمزق أوراق القضية، ونفتح الأحضان للجلاد ليكون حبيبا وحميما، نودع الزمردة التي تكالب عليها التجار والخونة والمرتزقة، نودعها ونتركها غارقة في أوحالها ونزيفها الداخلي، ونهجرها لنغرق في أوحال عار التاريخ، كم كنا حمولة زائدة في مسيرة كفاحها، جذبناها إلى الخلف بجبننا، ونقلنا لها عدوى فيروس الوهن…أنت شامخة بدوننا يا فلسطين.
وداعا فلسطين… نخشى ألا يكتفوا بنفي نسبك إلى سلالاتهم، بل نخاف أن تنص قوانينهم ودساتيرهم على اعتبار النطق باسمك جريمة، وقد يخرج غلوهم عن حده ويصيبهم الحول المصلحي فيلزمونك بتسليم نفسك للمغتصب، وقبل الفراق دعيني أتلو عليك بعضا من شعر سميح قاسم قبل أن يصير الشعر الفلسطيني حراما وإرهابا.
أيا سائلي في تحدٍّ وقوّهْ
أتنشدُ؟ أين أغاني الأخوّهْ؟
قصائدك السود بركان حقد
ومرجل نار، وسخط وقسوهْ
فأين السلام وأين الوئام؟
أتجني من الحقد والنار نشوةْ؟