قال وزير الشؤون الخارجية الألماني هايكو ماس إن الإبقاء على الوضع الراهن في قضية الصحراء ليس مفيدا لأي طرف.
وأضاف ماس خلال مؤتمر مشترك مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي السيد ناصر بوريطة في أعقاب مباحثات أجرياها اليوم الخميس في برلين، أنه يتعين تطوير إمكانات جديدة من أجل التنمية الاقليمية واغتنام الفرص من أجل القيام بذلك.
وأكد أن جميع الأطراف في قضية الصحراء مدعوة الى تبنى موقف بناء خلال المائدة المستديرة التي ستنعقد في دجنبر المقبل في جنيف، معتبرا أن هذا اللقاء يكتسي أهمية كبيرة.
وأبرز رئيس الدبلوماسية الالمانية أن بلاده تدعم المسلسل الأممي تحت إشراف المبعوث الأممي إلى الصحراء، هورست كولر.
وأشار من جهة أخرى، إلى أنه خلال بضعة أيام سينعقد مؤتمر مراكش للمصادقة على ميثاق الهجرة والذي يرأسه المغرب وألمانيا بشكل مشترك، معربا عن أمله في أن يكون هناك نقاش جد منطقي حول الهجرة يخدم مصالح الدول الاصلية ودول العبور ودول الاستقبال.
وشدد الوزير الالماني على أن المغرب يعتبر شريكا مهما لبلاده ليس فقط في مجال الهجرة بل إن التعاون المكثف بين البلدين ينعكس أيضا في مجال الطاقات المتجددة وبناء محطات الطاقة الشمسية، مضيفا أن البلدين يزخران بإمكانات كبيرة لتعزيز هذا التعاون .
وفي معرض رده على سؤال حول عملية ترحيل مغاربة من ألمانيا، قال الوزير الالماني “لدينا تعاون وثيق مع المغرب والأرقام التي لدينا تعكس تقدما ايجابيا واتفقنا على الاستمرار في هذا التعاون ، وإذا كانت هناك إجراءات أخرى لتقويم هذه العملية، يمكن القيام بها معا”.
من جانبه، أعرب ناصر بوريطة عن ارتياحه لعقد مباحثات مثمرة مع نظيره الالماني، مشيرا إلى أن “العلاقات بين بلدينا تتطور بشكل جد ايجابي من خلال الاتصالات المنتظمة بين جلالة الملك محمد السادس والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل وايضا من خلال مختلف آليات التعاون سواء اللجان المختلطة أواللجان القنصلية أو آليات المباحثات السياسية”.
وسجل أن العلاقات الاقتصادية بين المغرب وألمانيا تنمو بشكل جيد ، حيث أن ألمانيا تعد اليوم شريكا تجاريا هاما للمغرب، إذ تحتل المرتبة الخامسة ضمن الشركاء التجاريين للمملكة، مضيفا أن الاستثمارات الالمانية في المغرب تشهد نموا وتتوفر على إمكانات كبيرة لتعزيزها .
واعتبر الوزير أن التعاون بين البلدين نموذجي في ما يخص تقاطع وجهات نظر البلدين حول الاولويات والتركيز على مجالات هامة بالنسبة لهما مثل البيئة والماء والفلاحة وغيره.
وتابع بوريطة أن هذه الزيارة تأتي في توقيت هام عشية استحقاقات ثنائية ولقاءات متعددة الاطراف هامة على بعد بضعة أيام لانعقاد مؤتمر مراكش حول ميثاق الهجرة .
وأبرز أن الهجرة تعد اليوم موضوعا مهيكلا للعلاقات الدولية، مشيرا الى أنه على الصعيد الثنائي، عالجت ألمانيا والمغرب على الدوام قضية الهجرة بروح من التعاون والتبادل المبني على النتائج. وأضاف أن هذا النموذج من التعاون الثنائي يجب ان يستلهم المجتمع الدولي في معالجة هذه القضية على الصعيد العالمي والمتعدد الاطراف.
وقال بوريطة “نحن واعون بأن لقاء مراكش سيبعث اشارة في هذا الاتجاه، بان قضية الهجرة لا يمكن حلها الا في إطار تقاسم المسؤولية وفي إطار متعدد الاطراف وأن أي مقاربة أخرى لن تكون إلا قصيرة الامد وغير مجدية.
وحول عملية ترحيل مغاربة من ألمانيا، قال بوريطة “في ما يتعلق بالهجرة فان المغرب تصرف دائما كبلد مسؤول ، فبقدر ما هو ملتزم بالحفاظ على مصالح مواطنيه المقيمين بشكل قانوني في ألمانيا، وتسهيل اندماجهم ، بقدر ما يتعاون عندما يتعلق الأمر بمكافحة الهجرة السرية”.
وذكر في هذا الإطار بإنشاء، منذ الاتصال الهاتفي بين جلالة الملك وميركل سنة 2016، أليات للتعاون في هذا المجال، مشيرا الى أنه تم عقد لقاء في مراكش الشهر الماضي، حيث أعرب الجميع عن ارتياحه للنتائج في ما يتعلق بعمل القنصليات المغربية وتعاون السلطات المغربية.
ومن جهة أخرى، أشار الوزير الى أن مباحثاته مع نظيره الالماني، تناولت مواضيع إقليمية مختلفة خاصة في شمال إفريقيا، مبرزا أن البلدين يتقاسمان نفس الرؤية حول الوضع بخصوص هذا الملف وكيفية تحقيق تقدم.
وقد أجرى بوريطة في وقت لاحق من اليوم، مباحثات مع يان هيكر ، مستشار أنغيلا ميركل في الشؤون الخارجية وقضايا الأمن.
وتناول اللقاء مشاركة ميركل في المؤتمر الدولي حول الهجرة الذي سينعقد في مراكش وسعي ألمانيا الى إنجاح هذا اللقاء وكذا مجهودات المغرب في معالجة قضايا الهجرة من خلال مقاربة شمولية متعددة الأبعاد تعالج مسألة التنمية وتعتمد بعدا انسانيا.
وأكد بوريطة بهذا الخصوص على أهمية التركيز على تفكيك شبكات الهجرة السرية وليس على ضحاياها فقط، وهو ما يقوم به المغرب بوازع من المسؤولية حيث فكك ما يزيد عن 130 شبكة للهجرة السرية. وقد شكل هذا التصور لقضايا الهجرة قاسما مشتركا بين وجهتي نظر الجانبين.
كما تناول اللقاء قضايا التعاون المشترك من أجل الرفع من الاستثمارات الالمانية بالمغرب وجعله منصة نحو باقي الدول في العالم التي يرتبط بها المغرب باتفاقات التبادل الحر، أي ما يربو عن مليار مستهلك.
وأبرز بوريطة في هذا الصدد الانجازات النموذجية للتعاون المغربي الالماني من أجل التنمية في مجالات الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية وتدبير المياه وتنمية المجال القروي والبيئة، معتبرا أنها ميادين يمكن أن تشكل مجالا للتعاون بين المغرب والمانيا والدول الافريقية.
من جانبه، أقر المسؤول الالماني بالحاجة الى الرفع من الاستثمارات الالمانية في المغرب مؤكدا أن البلدين يتوفران على مؤهلات مثلى للتعاون من أجل التنمية في افريقيا.
حضر هذه المباحثات رضوان الدغوغي، مدير الشؤون الأوربية بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي والقائم بالأعمال في سفارة المغرب ببرلين السيد خالد لحسايني.