24ساعة-متابعة
يصل وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، اليوم الأحد 6 أبريل 2025 إلى الجزائر للقاء نظيره الجزائري أحمد عطاف، في زيارة تهدف إلى “ترسيخ” استئناف الحوار حول القضايا الحساسة التي أثرت على العلاقات الثنائية بين البلدين، وعلى رأسها ملف الهجرة. تأتي هذه الزيارة بعد ثمانية أشهر من أزمة دبلوماسية غير مسبوقة، اقتربت خلالها فرنسا والجزائر من حافة القطيعة، لكن اتفاقًا بين الرئيسين إيمانويل ماكرون وعبد المجيد تبون، عقب محادثة هاتفية يوم الإثنين، فتح الباب أمام إعادة إطلاق العلاقات.
خلفية الأزمة وأسبابها
توترت العلاقات بين باريس والجزائر على مدى عقود بسبب الإرث الاستعماري والخلافات السياسية، لكن الأزمة الأخيرة تفاقمت في يوليو 2024 عندما أعلن ماكرون دعمه لخطة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية في الصحراء ، وهو موقف يتعارض مع دعم الجزائر لجبهة البوليساريو. أضف إلى ذلك، ساهمت قضايا مثل توقيف الكاتب بوعلام صنصال في نوفمبر 2024، ورفض الجزائر قبول مواطنيها المرحلين من فرنسا، في تعميق الخلاف. هذه التطورات أثرت سلبًا على التعاون الأمني والاقتصادي، حيث انخفض التبادل التجاري بنسبة 30% منذ الصيف الماضي.
أهداف الزيارة
أكد بارو أمام البرلمان الفرنسي أن بلاده تسعى لاستغلال “النافذة الدبلوماسية” التي فتحها الرئيسان لتحقيق تقدم في قضايا الهجرة، التعاون القضائي، الأمن، والاقتصاد. وأوضح كريستوف لوموان، المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، أن الزيارة تهدف إلى وضع “برنامج عمل ثنائي طموح” مع آليات تنفيذ واضحة وجدول زمني محدد. وفي هذا السياق، أعرب وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو عن أمله في أن تلتزم الجزائر باتفاقية الهجرة لعام 1994، التي تنص على قبول مواطنيها المطرودين من فرنسا.
التحديات الاقتصادية والأمنية
تشير تقارير مسؤولين فرنسيين إلى أن الجزائر اتخذت سياسات تهدف إلى تقليص الوجود الاقتصادي الفرنسي، من خلال عرقلة التراخيص والتمويل للشركات الفرنسية. وكان أبرز تداعيات ذلك على تجارة القمح، حيث استبعدت الجزائر الشركات الفرنسية من مناقصات استيراد الحبوب منذ أكتوبر 2024. ففي موسم 2025/2024، لم تصدر فرنسا سوى شحنة واحدة بوزن 30 ألف طن، مقارنة بملايين الأطنان سنويًا في السابق. يرى التجار أن هذا الخلاف يهدد مصالح فرنسا الاقتصادية، ويتطلعون إلى نتائج ملموسة من زيارة بارو.
آمال وتوقعات
تعد هذه الزيارة خطوة حاسمة لتهدئة التوترات التي أضرت بالمصالح المشتركة، خاصة مع وجود روابط اجتماعية قوية تربط نحو 10% من سكان فرنسا بالجزائر. ومع ذلك، يبقى الحوار محفوفًا بالتحديات، إذ يتطلب تجاوز الخلافات السياسية العميقة وبناء ثقة متبادلة. قال تاجر حبوب فرنسي: “الجميع يتحدث عن الزيارة، لكننا ننتظر نتائج على أرض الواقع”. وفي ظل التداعيات الأمنية والاقتصادية للأزمة، يبدو أن نجاح هذه المبادرة الدبلوماسية سيعتمد على قدرة الطرفين على التوصل إلى حلول عملية ومستدامة.