الرباط-عماد المجدوبي
أثارت قضية الدعم الحكومي السخي الذي قدمته الحكومة لاستيراد المواشي جدلاً واسعًا، وذلك على خلفية تصريحات متضاربة لمسؤولين حكوميين، الأمر الذي طرح أكثر من علامات استفهام حول مدى التنسيق داخل الحكومة، وشفافية القرارات المتخذة.
في البداية فجّر وزير التجهيز والماء، نزار بركة، القضية عندما كشف عن تقديم الحكومة لدعم مالي ضخم لاستيراد المواشي، تجاوز 1330 مليار سنتيم، وذلك في إطار دعم مباشر وإعفاءات ضريبية. هذا التصريح، الذي جاء من وزير داخل الحكومة نفسها، أثار استغراب الرأي العام، خاصةً وأنه جاء في سياق معارض لمجريات الأمور.
زادت الأمور تعقيدًا عندما نفى رئيس مجلس النواب، رشيد الطالبي العلمي، وجود أي دعم لاستيراد المواشي، داعيًا المتضررين إلى اللجوء إلى القضاء. هذا التصريح يناقض بشكل صريح ما كشفه بركة، وما نشر من وثائق ويطرح سؤالاً كبيراً: هل الحكومة على دراية بما تقرره؟ أم أن بعض وزرائها لا يعلمون بما يجري داخلها؟ وفق الفاعل الحقوقي محمد الهروالي، في حديث لـ ”24 ساعة”.
في السياق نفسه، يوضح الفاعل الحقوقي محمد الهروالي، أن التناقضات داخل حكومة أخنوش، لم تعد مجرد ”اختلافات طفيفة في التصريحات، بل أصبحت كاشفة عن ارتباك حقيقي في تدبير الملفات الحساسة”، والدليل على ذلك الجدل حول صفقة دعم استيراد المواشي.
وفيما بدا كهروب للأمام؛ بحسب ذات الحقوقي، فتصريحات العلمي لا تناقض بركة فقط، حيث إن دعوته اللجوء إلى القضاء، تعاكس موقف زميله في الحكومة وزير العدل عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، التي تدفع نحو إلغاء دور جمعيات المجتمع المدني في التقدم بشكايات الفساد أمام القضاء، وتقليص صلاحيات النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية. و تريد حصر هذا الدور في المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة لوزارة الداخلية، دون إلزام هذه الأخيرة بإحالة تقاريرها على القضاء.
وأبرز الهروالي أن هذا التوجه يفرغ دعوة الطالبي العلمي للمتضررين باللجوء إلى القضاء من محتواها، إذ كيف يمكنهم ذلك إن كانت القوانين في طريقها إلى تقييد حق التبليغ؟ يتساءل الحقوقي ذاته، مؤكدا أن ”تناقضات التوجهات الحكومية تجعل السؤال الأكثر إلحاحاً: هل نحن أمام حكومة متماسكة فعلاً أم أن كل طرف فيها يخدم أجندته الخاصة؟ ليبقى السؤال على مصراعيه في ظل استفحال الأزمات الاجتماعية وتفشي العزوف الانتخابي”.