محمد الشمسي
يشعر أهل البيجيدي بكثير من الخجل في الملف الذي ربح منه المغرب شهادة الولايات المتحدة الأمريكية بجلال قدرها بمغربية الصحراء، ويرون في ربط المغرب لعلاقات مباشرة مع دولة إسرائيل نظير ذلك الفتح الديبلوماسي للقضية الوطنية عملا يستحيون منه، ويجلب لهم ذلا وخجلا…و قد أرجئوا مؤتمرهم درء لكل خلاف..
إن خوف العدالة والتنمية على مقاعده الانتخابية لا يعطيه الحق في أن يشق عصى الوحدة ويقرر الصعود للجبل و”الخروج من الجماعة”، فنحن في منعطف حاسم ومهم، ويسهل علينا الرشق بالحجارة، و”التشيار بالهضرة الخاوية”، لكن حب الوطن يقيدنا ويغل أيدينا ويلزمنا أن نجدد حبه ودعمه في اللحظات الحرجة…أليس حب الأوطان من الإيمان يا “إخوان”؟.
يوشك المغاربة أن يقبلوا بظروف وحيثيات إحياء المغرب لعلاقاته مع دولة إسرائيل، فهذا ليس جديدا عليهم، فقد حل رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين ووزير خارجيته آنذاك شيمون بيريز بالمغرب سنة 1993، وتم فتح مكتب اتصال يقوم مقام السفارة في الرباط، ثم إن اليهود يعتبرون مكونا هاما من مكونات الشعب المغربي، فهم تواجدوا في المغرب قبل العرب و المسلمين، ثم إن المغرب ربح من إعادة تلك العلاقة ربحا عميما وكبيرا وغزيرا، ليس أقله أنه نسف أحلام الجزائر في بتر الصحراء من مغربها، وهذا وحده كاف شاف لأن نجيز الأمر ونقبل به، وأخيرا فإن إحياء تلك العلاقات لم يكن أبدا على حساب القضية الفلسطينية ليس لأن المغرب بعيد عن فلسطين جغرافيا، وليس لأن المغرب ليس لاعبا دوليا مؤثرا في الساحة الدولية حتى ينفع أو يضر فلسطين، بل لأن تعهدات المغرب تجاه فلسطين ستبقى قائمة، فبالعودة إلى لجنة القدس التي يرأسها الملك محمد السادس وبالاطلاع على أهدافها فهي ليست ذات طابع عسكري ، بل إن أهدافها لا تحول إعادة إحياء العلاقة مع دولة إسرائيل دون تحقيقها، وأما بشأن تقديم الدعم الإنساني للفلسطينيين فسيكون من الجنون الاعتقاد أنه لا يتم دون موافقة سلطات إسرائيل، فالفلسطينيون هم تحت الاحتلال الإسرائيلي، وكل تلك المساعدات القادمة من مختلف بقاع العالم ما لم ترخص إسرائيل بدخولها ستعود من حيث أتت.
لكن حزب العدالة والتنمية يرى الأمور بعيون مشرقية تسعى إلى التمرد على المغرب، ولعل هذا ما سارع بنكيران إلى محاولة إخماده قبل أن يشتعل ويحرق حزبا أثبت أنه يوالي جهات أخرى قابعة هناك ولا يكترث لأمر الوطن الأم الذي يحضنه، فالمغرب بالنسبة لهم هو تجمع أصوات انتخابية تمنحهم الوجود العالمي… والخطورة تكمن أن العدالة والتنمية هو قائد الحكومة، ويفترض في الحكومة أن تجعل حماية مصالح الوطن فوق كل حساب، فعلى البيجيدي أن يعقد مؤتمره ليس ليناقش خطأ وصواب قرار المغرب، بل ليناقش حجم ولائه للوطن، وهل هو يوالي الوطن وتابع لقانونه ودستوره أم هو يوالي جهات أخرى يخشى من غضبها عليه؟، وعلى هذا الحزب أن يجيبنا على السؤال التالي” ماذا قدم هو نفسه لفلسطين، إذا علمنا أن كل أعضائه البارزين لم يؤدوا حتى الخدمة العسكرية؟”، إن كان على الخطب الجوفاء، والقومية المقيتة الفارغة فقد ملها الفلسطينيون فلديهم هناك ثرثارون وزيادة..
نهمس في أذن العدالة والتنمية المغربي مع وقف التنفيذ أن تركيا اعترفت بإسرائيل منذ 1949، رغم مسؤولية تركيا التاريخية في نكبة فلسطين، ثم إن حزب العدالة والتنمية التركي يقيم علاقات جيدة مع إسرائيل.
وأخيرا إن كان البيجيدي يرغب في أن يقوم ب”شوبينغ انتخابي” هذه الأيام، فإن الوطن يفضل أن يبقى بلا حكومة على أن تكون له حكومة يقودها حزب يبايع المشرق ولا يهتم للمغرب…