الرباط-متابعة
تحل في 30 من شهر يوليوز الجاري الذكرى الرابعة والعشرين لاعتلاء الملك محمد السادس عرش أسلافه، هي مناسبة يحتفل بها المغاربة، وفرصة للتوقف عند أهم المحطات التي شهدتها المملكة تحت قيادة الملك، وما عرفته البلاد من تطورات ومستجدات على جميع الأصعدة، سواء السياسية، أو الاقتصادية أو الاجتماعية.
في هذا السياق، أكد الباحث السياسي صلاح الوديع في حوار مع “24 ساعة”، أنه “منذ إعتلاء جالس على عرش أسلافه، الملك محمد السادس السلطة، جسد العديد من المحطات الكبرى التي تم تطويرها شيئا فشيئا عبر سنوات من العمل المتواصل”.
وأشار الوديع” أن الملك وضع في المقام الأول مسألة البنيات التحتية، ورفع الرهان على تطويرها، وهو ما ظهر جليا في السنوات الأخيرة، عبر التحسن الملحوظ في قطاع الطرقات، والمحطات، ووسائل النقل واللوجستيك، والتي ساهمت في خلق فرص الشغل للعديد من شباب المملكة، مشيراً إلى أن هذه التطورات يمكن القول عنها أنها عرفت قفزة نوعية في عهد الملك محمد السادس”.
واسترسل الناشط الحقوقي في حواره مع الجريدة، في استحضار أهم الأشواط التي قطعها المغرب خلال 24 سنة من تولي الملك محمد السادس للعرش، مشيرا إلى أنه لا يتوجّب أن “ننسى أهم إصلاح وهو دستور 2011 إذ أن هذه الوثيقة بالغة الأهمية، ومثلت لحظة مفصلية في تاريخ المغرب، حيث اعتبر تعاقدا يحكم علاقة الحاكم بالمواطن، كما أن الملك محمد السادس اتبع سياسة الأوراش الكبرى سواء في المجال الاقتصادي أو الاجتماعي أو القانوني”.
وفي جوابه حول تحقيق المغرب الانتقال الديمقراطي المنشود، قال الباحث السياسي صلاح الوديع، أن هناك بعض المؤشرات التي تشير إلى أن نسبة الثقة عند المواطن المغربي في المؤسسات السياسية منخفضة جدا، سواء إزاء السلطتين التنفيذية والتشريعية أو الأحزاب السياسية، مبرزا أن زيادة الثقة في هذه المؤسسات، عنصر أساسي في إستكمال أي إنتقال ديمقراطي، حيث يصبح المواطن يعطي لمسألة التمثيل السياسي والحزبي، والمؤسساتي، دفعة باعتباره قوة إقتراحية.
ويوضح الوديع، أن تراجع ثقة المواطنين في المؤسسات السياسية سواء الحكومة أو البرلمان أو المؤسسات الحزبية، يظهر من خلال التحقيقات والأبحاث، لعل أبرزها التقرير الأخير للجنة النموذج التنموي الذي أشار إلى أن نقص عنصر الثقة، مرتبط أساسا بإرادة خفية موجودة تشتغل على تشويه العمل السياسي وتشويه صورة الفاعل السياسي، وتقديمه بأنه ذلك الإنسان الإستغلالي يجعل من تدبير الشأن العام مدخلا لتطوير مصالحه الخاصة.
وشدد المتحدث ذاته، على أنه لتحقيق الإنتقال الديمقراطي المنشود، يجب القيام بمجموعة من الإصلاحات المفروضة، والمتعلقة بالأوراش الإجتماعية وكذا التغطية الصحية وغيرها، ومحاربة الفساد والريع، والاشتغال على التصدي للممارسات التضليلية سواء تلك التي يقوم بها بعض السياسيين أثناء تحملهم المسؤولية تدبير الشأن العام، وأيضا محاربة الإرادة التي تركز على تكريس صورة نمطية سلبية عن الفاعل السياسي، ومحاولة إسترجاع عنصر الثقة للمواطنين، على اعتبار أنها ليست مطلب للتحول الديمقراطي، ولكن، مطلب مرتبط بالتحولات الجيوستراتيجية الجارية أمام أعيننا، مسجلا في ذات السياق أنه “إن لم يكن هناك حل للدينامية على مستوى مطالب الشعب، والقضايا المطروحة، يصعب جدا تحقيق الإنتقال الديمقراطي المنشود”.
من جهة أخرى وعن مدى مساهمة الفاعل السياسي في مواكبة طموح المؤسسة الملكية في الانتقال نحو مغرب آخر، أكد صلاح الوديع، أن من الخطوات المهمة التي يجب الانتباه إليها ومعالجتها، هي قدرة الطبقة السياسية على خوض نقاشات معمقة في القضايا الكبرى التي تعرفها بلادنا، وبثها عبر القنوات العمومية والإذاعات، كتلك المرتبطة بمسألة الإحتباس الحراري، والتحول الطاقي وكذا التحولات الجيوسياسية، إلى جانب قطاع التربية والتكوين، إلى جانب الذكاء الإصطناعي..وغيره من القضايا التي تطرح بشدة ويغيب فيه النقاش والحوار.
وبالرغم من وجود بعض الهفوات التي مازالت المملكة المغربية تشتغل عليها لتحقيق التقدم المنشوذ،، يضيف الباحث السياسي، إلا أن 24 عاما، على تربع الملك محمد السادس على عرش أسلافه، عرفت المملكة بعدها عددا من المشاريع الكبرى خلقت ثورة حقيقية بالمغرب ومكانة وهبة كبرى بالقارة السمراء.
وخلص الوديع بالقول، أنه لرصد المنجزات في مجال الدبلوماسية الملكية، يستلزم دون مبالغة أكثر من مجلد، حيث عاش المغرب مرحلة تميزت بدينامية خلاقة، خلفت الكثير من المسلمات، وكسرت العديد من الطابوهات، وأرست خطوة خطوة، في حكمة واتزان ودون بهرجة أو استعجال، دعائم سياسة خارجية قوية أعادت للمملكة مكانتها المرموقة بين الأمم.