حاورها : يونس الراتي
لعل الصورة النمطية التي ساهمت في ترسيخها العديد من الأسباب، حول المرأة المغربية المغتربة التي اختارت بلد المهجر مستقرا معيشيا، صورة تطبعها السلبية، وتقديم المرأة المغربية في اتجاه يرسم الدونية والتقليل منها، وهذا ما يخالف الواقع، ويخالف ما وصلت إليه المغربية وما حققته، في شتى المجالات في مختلف بقاع العالم.
في هذه السلسلة التي تفتحها جريدة 24 ساعة الإلكترونية بشراكة مع “مجلس الجالية المغربية بالخارج” اخترنا لها عنوانا بارزا “الهجرة..إسم مؤنث”، سنحاول سرد حكايات نساء مغربيات على لسانهن، تألقن وحققن إنجازات جديرة بالتنويه، وطبعن على مسارات مهنية متفردة ،من خلال محاورة ضيفات مغربيات من أرض المهجر. في هذه الحلقة التي نحط الرحال في سويسرا مع المغربية أمينة بنبراهيم دكتوراه في القانون العام والقانون الدولي ومتخصصة في الإدماج والهجرة بسويسرا الوجه المشرق لكفاءات مغاربة العالم الذين طبعوا سياسة الهجرة والإدماج في سويسرا.
نبذة قصيرة عنكم ومن أي منطقة بالمغرب ؟
اسمي الكامل أمينة بنبراهيم بن قيس ، 55 سنة، متزوجة وأم لثلاثة أطفال، أقطن في سويسرا منذ 1999، حاصلة على دكتوراه في القانون العام تخصص القانون الدولي. قضيت مرحلة الطفولة والشباب في المغرب، بمدينتي الرباط ثم الدار البيضاء.
كيف كان مساركم الدراسي ؟
درست المرحلة الثانوية بثانوية “اليوطي” الفرنسية بمدينة الدار البيضاء، ثم اجتزت الباكالوريا بمدينة بوردو في فرنسا، ودرست القانون العام وحصلت على دكتوراه بجامعة بوردو في مجال القانون البحري الدولي، كما اشتغلت بالموازاة كمساعدة في الجامعة. وكان أول منصب شغلته بعد الكلية هو أمينة عامة لنقابة الجماعات بالجنوب الغربي لفرنسا.
هل كانت الهجرة اختيار أم محض صدفة ؟
في البداية كان السبب مرتبط بمتابعة دراستي الجامعية بفرنسا ،و بعدها كان اختيار الاستقرار بفرنسا رفقة زوجي السيد “محمد بن قيس” دكتور في الإلكترونيك ،الي أن أتيحت له فرصة العمل بسويسرا مما دفعنا للعيش هنا.
ما هي أبرز المحطات التي طبعت مساركم المهني؟ وما هي المناصب التي شغلتموها؟
اشتغلت في البداية كباحثة بجامعة نيوشاتيل السويسرية لإعداد مشروع حول العلاقة بين الدستور والدين، وبعد ذلك توليت منصب خبيرة في مكتب الادماج بنيوشاتيل، وكانت ملفات تخصصي هي العلاقة مع الجمعيات الإسلامية والمشاريع المتعلقة بالمرأة: الزواج القسري، الدعارة مع فناني الكباريهات، والإدماج المهني.. . وتم انتخابي كممتلة في الهيئة التشريعية لمدينة نوشاتيل، كما تشرفت بحصولي على أكبر عدد من أصوات الناخبين .و حاليا أشتغل بمدينة لوزان كرئيسة لمكتب ولاية “كانتون دو فو” لإدماج الأجانب ومناهضة العنصرية، وذلك منذ سنة 2011.
لدي إلمام جيد بوضع الاجانب الذين يعيشون في سويسرا، خاصة بالجهة الناطقة باللغة الفرنسية. أهتم على وجه الخصوص بالعنصر النسوي، وأحاول فهم دوافع الهجرة، احتياجاتهم، وكذلك كيفية إقامة الروابط مع السلطات والشركات السويسرية
كما أشتغل في إطار بعض اللجان، كاللجنة الاستشارية للخبراء في الشؤون الدينية، و كعضو في لجنة المناهضة ضد التطرف والراديكالية في سويسرا. محاور انشغالاتي تنبع من احتياجات الاجانب و أحاول باستمرار إيجاد حلول لها تتوافق مع متطلبات القوانين السويسرية ، من بينها الموضوع الذي أشتغل عليه حاليا و الذي يخص الموت في سياق الهجرة.
ماهي أهم الصعوبات التي واجهتكم في المهجر ؟
من بين اهم الصعوبات التي واجهتها كأم خلال السنوات الأولى بالمهجر منذ عشرين سنة مضت هو نظام رعاية الأطفال بسويسرا ، حيث وجدته مختلفً تماما ، فمن الصعب على المرأة أن تقوم بمهمة مهنية و في النفس الوقت التوفيق بين السهر على توصيل ثلاث بنات الى المدرسة ذهابا و ايابا بجداول حصص دراسية مختلفة مع ضرورة ارجاع الجميع الى البيت على الساعة 15و30 د.
لحسن الحظ ان الامور تغيرت اليوم بشكل كبير..من جهة اخرى ، وهذا مشكل يعيشه الأجانب بشكل عام في سويسرا ” خاصة الاجانب غير الاوربيين ” هو مسالة الاعتراف و معادلة الشهادات و الديبلومات الاجنبية، فسويسرا لا تعترف بكل الشهادات المغربية، قد نجد شخص قادم من المغرب بتكوين عال جدا و بشهادة عليا لكن للأسف سيجد صعوبة في نظام المعادلة مما سيدفعه للقيام بتكوين من جديد او القبول بمنصب يقل مكانة او مختلف عن تكوينه بالمغرب.
اشتغال النساء الاجنبيات الحاصلات على شهادات عليا اللاتي لهن مؤهلات علمية ومهنية كبيرة في قطاعات غير تخصصهن اشكال حقيقي بسويسرا ، لحسن حظي انني حاصلة على شهادات فرنسية مكنتني من تجاوز هذا المشكل .من بين الصعوبات التي نعانيها ايضا كأجانب كما هو الامر في كثير من البلدان تتمثل في التمييز السلبي بمجالي التوظيف والسكن .
و من المثير للاهتمام أن هذه الظواهر المرتبطة بتدفقات الهجرة قدا عاينتها بفرنسا ، ثم في سويسرا ، و وجدتها تقريبًا هي نفسها في السنوات الأخيرة بالمغرب، خاصة عندما تحول من بلد عبور إلى بلد استقرار للمهاجرين ،نفس الآليات و نفس الخطاب: لقد غزونا ، سيأخذون عملنا ، رائحتهم كريهة ،هم صاخبون،وغير محترمين….تبقى عنصرية بدائية مرتبطة بالخوف من الآخر يجب تجاوزها.
باختصار، هناك عوائق و اكراهات هيكلية يجب على السياسات العمومية لسويسرا تخفيفها واسقاطها بالمرة، و من جهة اخرى يجب تفعيل المؤهلات الشخصية لكل فرد من الاجانب من اجل مواجهتها.
ما هي روابطكم مع المغرب؟
الروابط التي تجمعني ببلدي الام المغرب تمتد لكل اسرتي ،فنحن جد مرتبطون بالثقافة و التقاليد المغربية ،حيث نأخذ بناتنا بانتظام إلى المغرب لزيارة عائلاتهن واكتشاف البلد من جميع جوانبه.علمناهن انا و زوجي الافتخار بأصولهن، فكثيرا ما يقمن بدعوة صديقاتهن الى البيت ، على سبيل المثال خلال شهر رمضان والاعياد الدينية.
أعتقد أنني أستطيع القول انهن يعشن بشكل جيد بثلاث جوازات سفر : المغرب وفرنسا وسويسرا، هذا بالإضافة إلى أن ابنتي البكر أجرت سنة 2017 تدريبا في احدى العيادات الطبية باكدال – الرباط ، لمعرفة واقع النظام الصحي بالمغرب عن قرب .
من وجهة نظر مهنية، أود تطوير المزيد من الروابط و تشبيك العلاقات واغتمام كل الفرص المتاحة. في انتظار ذلك ، احاول مع زوجي تقديم دعم موجه للأشخاص المحتاجين خارج الاطار النظامي و الجمعوي .معظم فعلنا المدني بالدعم و المساندة يتم هنا في سويسرا لصالح المغاربة ، حسب الحاجة حيث قد يكون ذو طبيعة قانونية او إدارية او مالية او معنوية.
ما هي طموحاتكم في علاقة التعاون مع بلدك الأصلي المغرب؟
سبق لي أن كنت عضو من الوفد الكنفدرالي السويسري في الرباط، لعرض سياسة الإدماج في سويسرا بولاية لوزان خلال منتدى الهجرة والادماج. بعدها توصلت بدعوة من الوزارة المغربية للمغاربة المقيمين بالخارج، خلالها قدمت بعرض حول “الحكامة المحلية للإدماج”وبتعاون مع جمعية الأطر من أصل مغربي بسويسرا ACOMS شاركت في بعض الورشات و الأحداث المتعلقة بالمغرب .كل هذه الانشطة تحفزني لتطوير العلاقة بين البلدين سويسرا و المغرب في ما يخص الإدماج.