الرباط-أسامة بلفقير
“غدا إن شاء الله ستخترق الحدود، غدا إن شاء الله ستنطلق المسيرة، غدا إن شاء الله ستطؤون أرضا من أراضيكم وستلمسون رملا من رمالكم وستُقَبّلون أرضا من وطنكم العزيز”.
هكذا تحدث الملك الراحل الحسن الثاني في خطابه الشهير والاستثنائي الذي ألقاه من مدينة أكادير، معطيا إشارة انطلاق الزحف لنحو 350 ألف مدني مغربي تطوعوا من جميع أنحاء البلاد استجابة لنداء الملك القاضي باسترجاع الجزء الجنوبي من تراب البلاد، والذي كان لا يزال تحت الاستعمار الإسباني رغم مرور 20 عاما من إنهاء معاهدة الحماية.
بلغة أبوية تحمل النصح، خاطب الملك ابناء شعبه قائلا “كأب مرشد لك، وكأمير للمؤمنين وقائد لسياستك، سأزودك شعبي العزيز ببعض النصائح”:
أولا شعبي العزيز، بمجرد أن تخترق الحدود، عليك أن تتيمم على الصعيد الطاهر بتلك الرمال، ثم تستقبل القبلة وتصلي بأحذيتك -لأنك مجاهد- ركعتين لله تعالى كما قال الفقهاء: “فإذا الحُسن بدا فاسجد له، فسجود الشكر فرض يا أخي.
ثانيا شعبي العزيز، عليك أن تعلم أن هذه المرحلة من المسيرة ليست كسابقاتها، هذه المرحلة تستلزم منك ضبطا أكبر ونظاما أكثر، فعليك أن تكون مطيعا سامعا للذين هم يؤطرونك حتى يمكننا أن نسير بمسيرتنا إلى الهدف المطلوب.
ثالثا شعبي العزيز، إذا ما لقيت إسبانياً كيفما كان عسكريا أو مدنيا، فصافحه وعانقه واقتسم معه مأكلك ومشربك وأدخله مخيمك، فليس بيننا وبين الإسبان غل ولا حقد، فلو أردنا أن نحارب الإسبان لما أرسلنا الناس عزلا بل لأرسلنا جيشنا باسلا، ولكننا لا نريد أبدا أن نطغى ولا أن نقتل ولا أن نسفك الدماء، بل نريد أن نسير على هدى وبركة من الله في مسيرة سلمية.
اليوم تكتسي ذكرى المسيرة الخضراء رمزية خاص. لدى المغاربة. فهذه الذكرى لا يحيي من خلال الشعب المغربي فقط مبادرة ملك وشعب لتنظيم مسيرة سلمية متفردة، بل هي أيضا لحظة للوقوف على المسار السلمي للمملكة في الدفاع عن أراضيها، دون أن تتنازل عن حبة رمل واحدة..
وهكذا كان. ففي الوقت الذي تلعب الدبلوماسية الوطنية دورا قويا على الصعيد الدولي دفاعا عن مصالح المملكة، ترابط القوات المسلحة الملكية في مختلف مناطق الصحراء المغربية للدفاع عن حوزة البلاد، ما يجعل خصوم المغرب يصطدمون بقوة جيش المملكة في الدفاع عن أراضيه ومجابهة مختلف التحديات.