د. نجاة الكص
قيل الكثير عن السعادة وعن تحديد مفهومها وكيفة الحصول عليها والاحتفاظ بها، لكن اختلفت الأجوبة حول هذه التساؤلات الأبدية باختلاف المكان و الزمان والمستوى الفكري و المادي و الروحي وغيره من الأسباب .. كما اختلفت الأجوبة حول ماهية السعادة وسبل تحقيقها بين الناس حسب أعمارهم و تجاربهم في الحياة التي علمتهم أشياء و أشياء جعلتهم يغيرون رأيهم حول معنى السعادة الحقيقية بالنسبة لهم .
أما السعادة بالنسبة لي هي أولا وقبل كل شيء، أن أعيش في مجتمع يسوده الأمن و الأمان، والعيش الكريم، وتمتع الناس بكل الحقوق التي تحقق لهم الحياة الكريمة.
ففي اعتقادي لا يمكن للمرء أن يشعر بالسعادة في مجتمع غير سعيد، لأن السعادة لسيت فردانية، بل جماعية .. وبالتالي، فالإنسان يتأثر سلبا و إيجابا بالمحيط الذي يعيش ويتحرك داخله، وعليه لا يمكن الحديث عن سعادة إنسان في وطن يسود فيه العنف بكل أشكاله و تجلياته، بل يستحيل على أي إنسان أن يكون سعيدا في بلد أو وطن يعم فيه الفقر والجهل والأمية وانعدام العدالة الاجتماعية و الظلم وانعدام الرحمة بين الناس.
في اعتقادي أن الإحساس بالسعادة لا يمكن أن يتحقق في زمن تسود فيه الكراهية والحروب والدماء من أجل السلطة والحصول على المصالح الخاصة .. ولذلك، اعتبر أنه لا يمكن الحديث عن سعادة إنسان ما بدون مجتمع سعيد و أسرة سعيدة يتمتع كل أفرادها بالصحة بمفهومها الشامل الجسدي و النفسي و الاجتماعي و الروحي، و العيش الرغيد بالنسبة لكل إنسان، هذا منبع وأصل السعادة، بعد ذلك يمكن أن نتساءل على ماهية السعادة بالنسبة لكل واحد منا.
* السعادة في نظري هي أن يسود الحب و المحبة بين الناس وأول وأقدس حب هو حب الخالق والتعلق به أكثر من التعلق بالمخلوق، لأن حسن التواصل مع خالق الكون يترتب عنه بصفة آلية حسن التواصل مع الآخرين.
* السعادة عندي عندما يمر علي اليوم بدون ذنب.
* السعادة عندي عندما أصلي صلاتي في وقتها بخشوع كل جوارحي وبحضور قلبي
* السعادة عندي عندما أجلس مع كتبي وأقلامي و أن أتعلم في كل يوم شيء جديد يفيدني ويفيد الآخرين.
* السعادة في شريعتي تكمن في العطاء وليس في الأخذ ،وعندما أقول العطاء فإنني لا أقصد العطاء المادي كما يعتقد البعض، بل إعطاء كل ما هو جميل لإسعاد الآخر .. إعطاء الحب والود و الاهتمام .. إعطاء الوقت لمن يحتاجون لوجودك بينهم .. إعطاء النصح لمن هو في حاجة للتنوير .. إعطاء وإعطاء … واللائحة طويلة جدا ولا تدخل تحت حصر.
* سعادتي عندما يسخرني الله لأعين إنسان و إرشاده لطريق الصواب، وأكون سببا في نجاحه و تطوره وتغيير مسا ره.
* سعادتي في خدمة الآخرين وجلب الخير لهم دون انتظار لأي مقابل إلا الأجر و الثواب مع الله.
* سعادتي أن أعيش حياة بسيطة هادئة مطمئنة لا صخب فيها ولا نصب ولا جدال مفعمة بالقناعة و بالود و المحبة و الدفء الإنساني.
* سعادتي أن أعيش بأهداف سامية و أعمل على تحقيقها في أجل محدد بدون تسويف ولا مماطلة، لأن الحياة بلا أهداف ليست في عرفي حياة.
* سعادتي عندما أتمكن أن أرد بالعمل و ليس بالكلام على من يتمنى سقوطي.
* سعادتي عندما أحاول أن أكون كالنحلة ترشف رحيق أحلى الزهور لتصنع منه عسلا لذيذا يفيد ويشفي الجميع دون أن تستاثر به لنفسها.
* السعادة عندي أن يحسن لي من أحسنت إليه ويكرمني من أكرمته.
* السعادة عندي رفقة طيبة تفرح لفرحي وتحزن لحزني وتشد أزري في وقت شدتي، وإن رأت في عيبا نبهتني، وإن رأت في خيرا هنأتني.
* سعادتي عندما أتغلب على غضبي وأكظم غيضي واحتفظ بهدوئي عندما يستفزني الآخرون.
* سعادتي عندما أضع رأسي على وسادتي كالصبية البريئة ليس في قلبي لا حقد و لا كراهية ولا ضغينة على أحد.
* سعادتي عندما أذكر كل ماهو جميل في الإنسان وأنسى كل إساءاته حتى ولو كانت سببا في وجعي يوم ما.
* وسعادتي الكبرى أن أترك قبل رحيلي الأبدي بصمات وآثار جميلة تشهد على مروري في هذه الحياة الزائلة، ربما تجعل إنسان ما يدعو لي بدعاء الخير ينفعني في آخرتي.