24ساعة ـ أ ف ب
بدأت كرة القدم الإيطالية باستعادة مكانتها العالمية، أكان على صعيد أداء المنتخب أو الأندية ومنها يوفنتوس الذي بلغ نهائي دوري أبطال أوروبا، إلا أن هذه العودة تلطخها مشكلات عنصرية متكررة.
فخلال مباراة فريقه بيسكارا أمام كالياري قبل أقل من أسبوعين، خرج اللاعب الغاني سولي مونتاري من الملعب احتجاجا على هتافات عنصرية وجهتها إليه جماهير الفريق المضيف.
ورفع مونتاري الشكوى إلى حكم المباراة الذي قابله ببطاقة صفراء على خلفية الاحتجاج، وأتبعها ببطاقة ثانية عندما قام اللاعب الذي صرخ في وجه الجماهير “باستا!” (كفى)، بمغادرة الملعب احتجاجا.
ورغم أن توقيف مونتاري مباراة بسبب نيله بطاقتين صفراوين تم إلغاؤه بموجب الاستئناف، إلا أن الحادثة تركت أثرها في عالم الكرة.
ويقول عالم الاجتماع ومدير مرصد العنصرية ومواجهة العنصرية في كرة القدم ماورو فاليري لوكالة الأنباء الفرنسية “ما حصل مع مونتاري هو أمر مهم جدا، لكن فقط بسبب رد فعله. للأسف، ما حصل (الهتافات العنصرية) هو أمر غير نادر في كرة القدم الإيطالية”.
يضيف “الأمر لا يقتصر فقط على ’سيري أ‘ (الدرجة الأولى)، في الدرجة الثانية وحتى كرة القدم عموما. خلال العامين الماضيين، سجلنا 80 حالة توجيه إهانات إلى لاعبين ذوي بشرة سمراء خلال مباريات الفئات الشابة، وغالبا ما توجه من قبل ذوي خصومهم”.
يتابع “يحصل الأمر بشكل شبه يومي، لكن يبقى دون أي معالجة”، مشيرا إلى أنه “في الفترة الماضية، رأينا حالات مماثلة في رياضات أخرى مثل كرة السلة، يتورط فيها أحيانا مشجعون لكرة القدم ممنوعون من دخول الملاعب”.
عقوبات محدودة
أدت قضية مونتاري إلى ردود فعل واسعة شاجبة، منها الاتحاد الدولي للاعبي كرة القدم المحترفين (“فيفبرو”) الذي كان من أول المطالبين بإلغاء العقوبة بحق اللاعب على خلفية مغادرته الملعب، وصولا إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان زيد بن رعد الحسين.
وبينما كانت قضية مونتاري لا تزال تتفاعل، احتج مدافع يوفنتوس الدولي المغربي المهدي بنعطية على شتائم عنصرية تعرض لها مساء السبت خلال مقابلة مع قناة “راي” عقب مباراة فريقه مع جاره تورينو.
فبينما كان يجري لقاء صحافيا بعد المباراة، توقف بنعطية فجأة وقال بالإيطالية “من تحدث في الخلف؟”، متوجها إلى أحد أعضاء الفريق الصحافي ليوفنتوس بالقول “سمعت شيئا ما في الخلف. من تكلم؟”.
وبحسب القسم الإعلامي لنادي يوفنتوس، سمع بنعطية أحدا يقول عبر السماعة التي كانت في أذنيه “ما هذا الهراء؟ اخرس، مغربي مقرف”.
إلى ذلك، أفادت رابطة الدوري الإيطالي عن تسجيل حالات “هتافات عنصرية” في مباريات المرحلة الرابعة والثلاثين من الدوري الإيطالي، من قبل مشجعي أندية إنتر ميلان ولاتسيو وروما.
إلا أن أيا من هذه الحالات لم تواجه بعقوبات صارمة: كالياري وروما لم تفرض عليهما أي غرامة، أما إنتر ولاتسيو فتمت إدانتهما مع وقف التنفيذ بإغلاق جانب من مدرجات ملعبيهما.
ولا تعد هذه الحالات طارئة على كرة القدم الإيطالية، إذ طالت هتافات مماثلة في الأعوام الماضية لاعبين عديدين لاسيما الأفارقة منهم. وفي كل هذه الحالات، بقيت العقوبات في حدودها الدنيا.
ويقول فاليري “بشكل عام، لا ترتقي أي حالة إلى المعايير التي يجب توافرها لتتم معاقبة الأندية. والعقوبات، في حال وجدت، لا تفرض إلا مع وقف التنفيذ. هذا أمر سخيف”.
وبموجب معايير فرض العقوبات التي تضعها رابطة الدوري، يجب على ما نسبته 1 بالمئة على الأقل من مدرجات المشجعين أن تكون متورطة في الهتافات العنصرية، وأن تكون هذه الهتافات “مسموعة بشكل واضح”، وأن تستهدف بشكل واضح أحد اللاعبين.
تمييز مناطقي
ولا تشكل العنصرية النقطة السوداء الوحيدة في كرة القدم الإيطالية، إذ إن التمييز المناطقي لا يزال سمة طاغية في الملاعب، لاسيما بحق أندية جنوب البلاد وأبرزها نابولي.
كما شهدت الملاعب حالات تبادل الإهانات بين اللاعبين أنفسهم، وأيضا من دون فرض عقوبات صارمة على أي منهم. ففي كانون الثاني/يناير 2016، لم يعاقب لاعب روما دانييلي دي روسي على نعته لاعب يوفنتوس الكرواتي ماريو ماندزوكيتش بـ”الغجري الوسخ”.
ويرى فاليري أن من الأسباب التي تحول دون وجود عقوبات صارمة هو “غياب حركة مناهضة للعنصرية في كرة القدم الإيطالية، وأن الجمعيات التي تعنى بمواجهة العنصرية لا تركز على كرة القدم”، ويضيف “في إيطاليا، مواجهة العنصرية ليست معركة الجميع”.