مشكلة توفيق بوعشرين أنه لا يزال يعتقد أنه فوق القانون بما يكفي لمنحه حقوقا اضافية: حق أن يفعل ما اتهم به وحق ألا يفعل به القضاء ما ينزل به على رؤوس سائر عباد الله.
واذا كان بوعشرين قد تخطى في البدء كل الخطوط الحمراء التي تحذرنا النصوص ويردعنا الوازع الاخلاقي من مغبة الاقتراب منها، فان اعتقاده بأن للمتهم حق ادارة جلسات محاكمته وضبط قواعدها يطرح تساؤلات مقلقة عما اذا كان لا يزال محتفظا ببعض عقله.
لقد كان عرضه في الجلسات الأخيرة مثالا لمكابرة تقف بين حدود المبتذل والركيك. فهو يريد أن يأكل داخل قاعة المحكمة دون أن يعترض على قيلولة قصيرة. وهو يريد أن يحدد لائحة الشهود وصكوك الاتهام. واذا لم يحدث أي من ذلك فعلى القضاة أن يبحثوا عن متهم آخر لأنه لن يمتعهم برؤية وجهه مرة أخرى الا في نشرات الأخبار في القنوات “المخدومة” بما يعارض طموحات المغرب.
ان لبوعشرين كل الحق في أن يعتبر نفسه ظاهرة لا يجود بها الزمان الا في ساعة رخاء. فقياسا بنظرائه، لا يجادل أحد في أنه صعد علائقيا وصعد مهنيا حتى تمكنت منه فوبيا الارتفاعات الشاهقة ولم يعد يعرف أن هناك حدودا قانونية وموانع أخلاقية تقينا شر السقوط وسوء العاقبة. ولعل أوضح مثال هو تهديده بمقاطعة جلسات المحكمة كما لو أنها مجرد حفلة دعي اليها أو فعالية دعي لتغطيتها بالقلم أو بكاميرا غير تلك التي أوصدت كل منافذ الهروب.
والشاهد أن هذا الرجل يستحق أن يحاكم في كوكب غير هذا الذي نعرفه لأنه يعرف ما لا نعرف من علم الله.