منذ أن ألقي عليه القبض ، اختار توفيق بوعشرين ومريدوه وزبناؤه السياسيون أن يذهبوا في اتجاه القول أنه أكبر من القضاء الجالس والواقف وأن التهم التي تلاحقه ليست أكثر من تسوية حسابات رديئة عالقة بينه وبين أصحاب الحال والحل والعقد.
وبالطبع فقد سبق لغيره من “الأتقياء” ، في أزمنة وأماكن أخرى أن طرقوا نفس أبواب الهروب الى الأمام بدرجات متفاوتة من النجاح والإخفاق ولكن الأدلة الساحقة التي تنتصب أمامه الآن لا تمنحه كثيرا من هوامش الحركة وإساءة الظن بكامل المنظومة القضائية بالمغرب.
وحين يعلن الآن عزمه على مقاطعة الجلسات والركون في قبو المحكمة يفترض فينا جميعا أن نشفق على حالنا في زمن يحاكم فيه البشر المجبولون على الخطأ ملائكة من عيار توفيق بوعشرين. غير أن بسطاء الناس الذين شاهدوا بعض صور غزواته الفاضحة يدركون ضرورة وضع حد فاصل للهرطقة ومحاولات التدليس التي ترفع خطاب “مظلومية” لا يملك أن يقف على قدميه. فأن يكون له أعداء أيديولوجيين فتلك إحدى مخاطر المهنة وتبعاتها الثقيلة ولكن محاولة تبرئته من الجرائم المنسوبة إليه بحجة أنه “مستهدف سياسيا” تظل محاولة يائسة لذر الرماد في العيون.ففي المحصلة الأخيرة تتكشف الصورة عن ذات الشخص الذي يخوض معاركه السياسية والجنسية بنفس الحماسة والرغبة في الفوز. وإذا كان هناك من يدعون أنه يدفع الآن خلف القضبان ثمن صداماته ومعاركه السياسية فان حالات الإذلال والإكراه والاستعلاء التي فرضها على الضحايا تستوجب ثمنا باهظا لا يمكنه تفادي دفعه بادعاء البراءة وتقنيات الهروب إلى الأمام.