للتعريف بعادات وتقاليد القبائل الصحراوية بالأقليم الجنوبية للمملكة، تنشر جريدة “24ساعة” سلسلة حلقات من إعداد محمد فاضل أحمد الهيبة الباحث في الثرات الصحراوي، تضم مختلف المواضيع في العديد من المجالات والتي لها علاقة بتاريخ وحاضر المنطقة الجنوبية للمملكة.
الحلقة الثانية:
“الابل عند أهل الصحراء”
الإبل عند مجتمع اهل الصحراء لاواحد لها من لفظها وهي مؤنثة لأن أسماء الجموع التي لاواحد لها من لفظها إذا كانت لغير الآدميين فالتأنيث لها لازم والجمع آبال .
والجمل ( والجمع ) يطلق على الذكر من الجمال ، ويقال للأنثى ناقة والجمع نوق .
للإبل أسنان مفصلة في اللغة الحسانية فصغير الإبل يسمى “احْوارْ” وبعد سنة يسمى “بن اعْشارْ” وبعده بقليل يسمى “أگعسْ” وإذا بلغ الفطام بعد سنة ونصف سمى “بلْبونْ” ومؤنثه “بنت ألبونْ” ويرادفه “مخلول” ومن سنتين إلى ثلاث يسمي “آمسخْسرْ”، وإذا بلغ ثلاث سنوات سمي “حِگْ” وأربع سنوات “حگْ امْراحْ” ، ومن أربع إلى خمس “اجْدعْ” وعند خمس سنوات يسمى “أداريفْ” وعند ست “اثْنِي” وبعد سبع “ارْباعْ” ثم “اسْداسْ” عند ثمان، وعند تسع سنوات “فاطر” وإذا بلغ عشر سنوات وانحكت أسنانه وكبر سمي “ماسْحْ اشركْ”، وإذا بلغ ثلاث عشرة سنة سمي “سالخْ النابْ”، وما زاد على الثلاث عشرة فهو “گارحْ اجْمالْ” أو “عوْدْ”. ويطلق لفط “ابْعيرْ” على الجمل إذا كان بين “بن اعشارْ” و”اجدعْ”، ويطلق لفظ “الحاشي” على الجمل إذا كان بين “المخلول” و”الحگ”. ويطلق “آوصراط” على الجمل إذا كان بين “اجدعْ” و”اثني”.
ويطلقون أمازوزي على الناقة تطول مدة حليبها عن المألوف وهو عند أهل البادية من علامات الخصب وجمعها “لمازيز” (وتنطق بزاي مغلظة). ويقولون للناقة التي دخلت طور الإخصاب “ناگه مِيسِرْ”، ولتلك التي ابتعدت عن الإبل لتضع ولدها ” ناگه جوْكْرتْ”.
ينحر اهل الصحراء الابل بكثرة وتحتوي لحومها على البروتين والحديد وفيتامين C أكثر ممّا تحتوي لحوم البقر والضأن على حدٍ سواء، كما يحتوي لحم الإبل على فيتامين E ، والقليل من الدهون، والكولسترول، ويحتوي على فيتامين D ، وأملاح ومعادن، ويكافح حموضة المعدة وارتفاع ضغط الدم وأمراض الجهاز التنفّسي ، وهي بالغة الأهمية عند أهل الصحراء حيث تُساعدهم على الأسفار ويُسمى الجمل الذي يُستخدم في الرحيل ” بجمل أدبشْ ” وتسمي الناقة التي لم تلد بعد ويمتطيها الرجال ” بالصيدحْ ” وتضع المرأة على الجمل ” لخطير ” وفي بعض الاحيان ” آمشقب ” للركوب ويتفنن الصناع في صناعتها من الاخشاب .
ويشرب لبن الناقة بكميات كبيرة عند اهل الصحراء وخصوصا في رمضان وتحملُ ألبانها لوناً أبيضاً معتماً، وله رائحةٌ حلوة وطعمٌ حادّ، كما يُمكن أن يكونَ مذاقُه مالحاً أحياناً ، حيث يختلفُ مذاقه باختلاف العَلفِ الذي تتناولته النّاقة ومدى توفّر ماء الشّرب لها ، وتظهر طبقة من الرّغوة أو الزبدة عند خضّه قليلاً، أما بالنّسبة للتّركيب الغذائيّ لحليب الإبل فهو يتكوّنُ بالمعدّل من حوالي 3.1% بروتين، 4.4% سكر اللاكتوز، 0.79% معادن، بحيث يحتوي على حوالي 11.9% كمجموع للمواد الصّلبة، وهي نسبة تُعتبر قريبة لنسبة مجموع المواد الصّلبة في حليب الأم، وتتراوحُ نسبةُ الماء في حليب الإبل ما بين 84-90% ، بحيث تختلفُ هذه النّسبة باختلاف وفرة ماء الشّرب للنّاقة، بحيث تكون نسبة الماء فيه أعلى كلما قلّ الماء المتوفّر للشّرب، وذلك لضمان تأمين احتياجات الرّضيع من الماء في حالات الجفاف.
يستخدم أهل الصحراء ” الذروة ” ( شحوم الابل ) في فصل الشتاء بكثرة حيث يقومون بتذويبها واضافة بعض الاعشاب لها ( العلك ، تغية ، أتيل ) وتركها لتجمد فيطلق عليها بعد هذه العملية ( لُودكْ ) يستعمل لودك لشفاء العديد من الامراض كالمصران لغليظ وآوراغ والربو ، كما يستعمل الكثيرون ” آفاگْ ” أبوال الإبل للتداوي من السرطان وأمراض اللثة والاسنان وأصبحت العديد من الاسر تحج له من بلدان بعيدة ومن شمال المملكة طلبا لشفاء مرضاها.
يحرص أهل الصحراء على انتاج ” آوتِي ” من قطع جلودها المسماة ( الجنبة ) بعد وضعها في التراب المرتفعة الحرارة وتركها مدة كافية حتى تنضج ومن ثم دقّها حتى تُصبح ” أسفوف ” وهو علاج للعديد من الامراض كآوراغ وبوصفير والمرارة .
كتب الكثيرون عن الابل من أبرزهم الباحث الفرنسي المسلم : فينسان مونتي وكتابه الشهير عن الجمل في الصحراء (Essai sur le chamea
au Sahara )
نشر سنة 1952 بدكار.