بعد أزيد من ستة ساعات من المداولة اسدلت الغرفة الجنائية الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء الستار عن الطور الأول من محاكمة توفيق بوعشرين التي تعود بنا إلى سيناريو الحاج ثابث في القرن الماضي .
الجميع من متتبعي فصول محاكمة توفيق بوعشرين مدير نشر جريدة “أخبار اليوم” في قضية أخلاقية تم الكشف عن تفاصيلها ، بعد عرض مفصل الأدلة القاطعة لفصول جريمة الاغتصاب والاتجار في البشر، يرون أن استغلال وركوب تيار الإخوان داخل حزب العدالة والتنمية بطريقة وأسلوب لا يخلو من الدفاع عن رجل ارتكب جريمة أخلاقية . فكيف لنا أن نسأل هؤلاء الإخوان الذين يدافعون عن الأخلاق والقيم والديمقراطية وحقوق الإنسان أمام جريمة مكتملة الأركان . الا يخجل هؤلاء الإخوان وهم يحاضرون في الدين الإسلامي والقيم والمبادئ التي يركز عليها الدين الإسلامي؟
لقد كانت محاكمة بوعشرين هي محاكمة لتيارت عدمية حاولت شيطنة القضاء لتبرئة رجل لم يتهم بغير ما اعترفت به وثائقه المصورة في قلب امبراطوريته الاعلامية. غير أن دور محامي الشيطان لم يكن ذا صنعة تمكنه من الوقوف أمام أدلة قاطعة وحاسمة قدمها الجاني مشكورا الى النيابة العامة. وهاهو القضاء يؤكد أن الحكم الصادر في حق بوعشرين لا يستند الى أي من توهمات المدافعين عنه والمطبلين لبراءته المفترضة لأن القضاء لم ير في الماثل أمامه ما يزعمه الآخرون. فهو ليس زعيما سياسيا قادرا على قلب الطاولة على الفرقاء كما أنه ليس قائدا لحركة تمرد تهدد أمن واستقرار البلاد ولكنه ، في نظر القضاء ، مجرد مغتصب يتلذذ بجرائمه ولا يمل من توثيق أفعاله المنافية للقانون والأعراف التي توافق عليها سائر الناس.
ويبقى ما غير ذلك مجرد هرطقة ومزايدات بئيسة لا تغير شيئا في واقع أمره الفاضح المشين. ولأن القانون أسمى من أن يشخصن ويفصل على مقاييس هذا أو ذاك، جاء الحكم على بوعشرين دالا من جهتين: أولاهما أن بوعشرين ك”مغتصب متسلسل” يمثل نموذجا يجب اسقاطه وعزله عن المجتمع بكل القسوة المطلوبة تفاديا لتكرار تجربة الحاج ثابت وثانيتهما أن لا يضع وزنا للمحاولات البائسة التي سعت الى تحويل بوعشرين من مجرم الى ضحية يتباكى عليها من لا يرون في الدولة الا عصاها الغليظة.