محمد أيت الجيد، المعروف بـ”بنعيسي” من مواليد سنة 1964 بدوار تزكي أدوبلول بإقليم طاطا، التحق بمدينة فاس حيث مكان اقامة كبير اخوته، لمتابعة دراسته الابتدائية بمدرسة المعلمين (ابن الخطيب سابقا) بحي عين قادوس, تابع دراسته الثانوية في بداية الثمانينات، بثانوية ابن خلدون و كان نشيطا في صفوف الحركة التلاميذية سنة 1983 متزعما الاحتجاجات التلاميذية ليتم نقله من هذه الثانوية سنة 1984 ويلتحق بثانوية القرويين وتحت ضغط “إدارة الثانوية” على عائلته سينتقل إلى ثانوية “إبن الهيثم” حيث حصل على شهادة الباكالوريا سنة 1986.
في الموسم الجامعي 1986-1987 التحق آيت الجيد بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بالعاصمة العلمية فاس، ليكمل مساره النضالي والذي عكس حضوره في صفوف الحركة الطلابية، حيث ظهر اسمه إلى جانب مجموعة من رفاقه، ضمن لائحة الموقوفين (39 طالب) خلال موسم 1987-1988 بكلية الآداب
شارك بنعيسى، في مقاطعة الامتحانات سنة 1989، أسهم ذلك في اعتقاله سنة 1990، ليتم الحكم عليه 8 أشهر نافذة، بعدما كان قد قضى 9 أشهر “بالسجن المدني” بفاس ليطلق سراحه في 1991.وحسب روايات طلبة جامعة فاس، فإن آيت الجيد تعرض سنة 1991 إلى هجوم (متهم فيها الإسلاميون) من طرف عصابة (مكونة من حوالي 70 شخصا)، حاصرت مقر سكناه محاولة اختطافه، لكن التعاطف الذي كان يحظى به من طرف سكان الحي دفع بالساكنة إلى المواجهة مع الذين حاولوا اختطافه وطردهم.
حل الخميس 25 فبراير 1993، آيت الجيد كان متوجها إلى “حي ليراك” رفقة أحد رفاقه، وهو الشاهد الوحيد الحديوي الخمار، على متن سيارة أجرة (طاكسي صغير) فوجئا بعدد من الطلبة يمنعون السيارة من المرور وتم كسر الزجاج لتخرجهما منها قسرا وتنهال عليهما بالضرب مستعملة العصي المصفحة بالمسامير والسلاسل والسيوف كما استعملت حجر الرصيف من أجل تصفية آيت الجيد (حسب روايات الفصيل).
بقي الخمار الحديوي الشاهد الوحيد على مقتل الطالب القاعدي “آيت الجيد بنعيسى” على أيدي الطلبة الإسلاميين بجامعة فاس، قبل 26 سنة، ثابتا في شهادته رغم تغير أمكنة وأزمنة استمع فيها إليه شاهدا على الجريمة من طرف قضاة التحقيق والجلسات باستئنافية فاس.
روايته لوقائع هذا الاعتداء بالضرب والجرح عليه وعلى زميله، لم تتزحزح قط، رغم محاصرته بأسئلة دقيقة حولها في محاكمة مشتبه في ضلوعهم في الجريمة، ومنهم 4 قياديين بالعدالة والتنمية. يسرد الخمار قائلا “رغم الأجواء المشحونة التي كانت تعيشها الجامعة في ظل التطاحن السياسي بين طلبة إسلاميين وقاعديين، لم يتوقع عضوا لجنة الحوار استهدافهما من طرف خصومهما من طلبة فصيلي العدل والإحسان والتجديد الطلابي، أو أن يصل الأمر إلى حد القتل.
بوصول سيارة الأجرة التي توفي سائقها الشاهد الثاني على الواقعة، إلى مكان قريب من شركة للمشروبات الغازية بحي سيدي إبراهيم، أثار انتباه راكبيها عرقلة سيرها من طرف سيارة تحمل لوحة صفيحية بأرقام أجنبية، في اللحظة نفسها لهجوم نحو 25 طالبا إسلاميا.
حينئذ أيقنا أن الخطر محدق لا محالة بحياتهما خاصة بإشارة بعضهم إليهما ووصفهما ب”الكفرة” والملحدين”، لينطلق مسلسل الهجوم عليهما وإيذائهما بكيفية لم ينساها الخمار الحديوي الذي يتنهد ويرتكب كلما سئل واستعاد شريط الحادث في 80 مرة أدلى بشهادته.
بالعصي والهراوات وأدوات حديدية والحجارة هاجموهما وأنزلوهما من السيارة ليعذبوهما في فضاء عمومي مفتوح قريب من مقهى وشركات، إذ لم يسلما من الضرب والجرح حتى وهما ساقطين أرضا من شدة إيلامهما، أو يطلبان النجدة والعفو من طلبة غاضبين عليهما.
“أنا مشيت فيها خويا الخمار”.. كلمة نطقها بنعيسى وما زالت محفورة بذاكرة هذا الشاهد رغم مرور نحو 26 سنة على الحادث، ويكررها في كل شهادة، كما لحظة احتضار زميله وتناول بعض مهاجميهما لبنة صخرية كبيرة هووا بها على رأس بشكل شل حركته كليا.
يتذكر الخمار تلك اللحظة بكيفية مشحونة بالمرارة والألم، مؤكدا أن مجموعة من الطلبة الإسلاميين أحاطوا بهم مدججين بشتى أنواع وأدوات الانتقام، وفي عيونهم رغبة متأججة في الثأر منهما، متذكرا العديد منهم بينهم عمر محب من العدل والإحسان المدان ب10 سنوات حبسا نافذة من طرف جنايات فاس بعد نقض حكمه، يوشك على إنهائها.
“وضع عبد العالي حامي الدين رجله على عنق بنعيسى، لما اختلف زملاؤه حول كيفية قتله ذبحا أو بغيره من الطرق” ذاك ما كشف عنه الخمار في كل الشهادات التي أداها أمام القضاء، مؤكدا أنه لم يكن يعرفه في الساحة الجامعية، إلا بعدما رآه في السجن المذكور.
ظل الخمار الحديوي مصرا في شهادته على ذكره وزملائه الأربعة المبرئين، باختلاف بسيط وغير مؤثر في كيفية مشاركة كل واحد منهم في الجريمة التي اعتقل إثرها وفي حينه الخمار وحامي الدين وعمر الرماش وأدينوا بسنتين حبسا بتهمة المساهمة في مشاجرة أفضت إلى وفاة” بعد اعتقالهم مباشرة بعد هذا الحادث.