اذا كان حزب العدالة والتنمية يرى ،بالمحكي والمعيش، أن أول ما يربط “الاخوان” هي عصبية “أنصر أخاك ظالما أو مظلوما” فذاك شأنه وحقه في ممارسة ما تيسر من الجنوح السياسي. أما أن يسعى الى تنزيل مفاهيمه العشائرية على أرض الواقع وأن يقيم عرضا يذكرنا ببعض المليشيات السياسية المدربة على مبارزة الأفكار بالطلقات فذلك مما يضعنا أمام تساؤلات بالغة الدقة والحرج.
لقد كان مشهد الانزال الاخواني أمام استئنافية فاس مثيرا للشكوك بقدر ما أوحى للكثيرين بأن الأمر أشبه ما يكون بحالة استعداد لحرب مجهولة لا يعرف فيها أعداء العدالة والتنمية. ولكن لنا أن نتساءل: على من سيطلق الأخوان النار.
لقد فعلوها مرارا وبقصدية موغلة في التحدي والسباحة ضد التيار. فحين استهانوا بأحكام القضاء واعتبروا استدعاء “أخيهم” حامي الدين قرارا أخرق صادر عن منظومة تشخصن القضاء ولا ترفعه الى مرتبة الحياد المطلق، وحين طالبوا بعزل قاض لم يوافق هواهم، أعلنوا بوضوح مطلق أنهم يقفون في الخندق الآخر حيث ملتقى أعداء الدستور والديمقراطية والحكم الرشيد. والشاهد أنهم تجمعوا من كل حدب وصوب ليقولوا أنهم نسيج وحدهم وأن لهم الكلمة العليا التي لا معقب عليها.
ومع أنه كان مفترضا أن يصيبنا انزال الاستئنافية بحالة ميئوس منها من الرعب السياسي المفضي لتوه الى الموت، الا أن الرأي العام يظل أذكى من أن تفوته الاشارات الخفية في مثل هذه العروض الحلايقية البئيسة.وسيظل العدالة والتنمية مطالبا، بمقتضى أخلاق السياسة، باصدار بيان يؤكد فيه أن مغاربة الطرف الآخر ليسوا أهدافا مما يحل اصطياده وأن القضاء هو صاحب الكلمة الأخيرة حتى اشعار آخر. أما خرجات المليشيات فليس ثمة هامش يسعها في رقعة السياسة في هذا البلد الآمن المطمئن الى خيارته العليا.