لسبب لا يعلمه الا الله، يصر البيجيديون على كشف أوراقهم في عاصمة لا تستر عري الناس ولا تغمض أعينها عن نزواتهم الطارئة أوالمستدامة. غير أن الأمر لا يتعلق بالاستراحة العاطفية لمحمد يتيم أو تخفف آمنة ماء العينين من ثقل لباسها العقدي التنظيمي الدعوي اذ أن الأرجح هو أن قادة هذا التيار المتأسلم يدفعوننا غصبا الى التساؤل عما اذا كانوا يلعبون بالدين أم بالسياسة.
ففي المحصلة النهائية، لن يستقيم أبدا أن يكونوا صادقين في الحالتين عندما يوهمون عامة الناس أن الدين والسياسة ، في معتقدهم وفعلهم، وجهان لعملة غير قابلة للتقسيم والتجزئة وأن باطنهم وظاهرهم لا يختلفان في الشكل والمضمون.فقبل الغزوات الفضائحية في باريس، أحالتنا قضية الفقيه والفقيهة على ذات المعيار المزدوج الذي يبيح لهم ، وهم العارفون بحق الله وحدوده كما يدعون ، أن يفعلوا ما شاءوا من المنكر الذي يفتح للعامة والجهلة أوسع أبواب الجحيم.
ولهذا اصبح من حقنا أن نتساءل، بكل الشفافية الممكنة ،عما إذا كان البيجيديون مع ملائكة الرحمن أم مع شياطين السياسة لأنه لم يعد من حقهم أن يقفوا مع الفريقين في ذات الوقت وأن يلبسوا لكل حالة لبوسها على حد قول الشاعر المتلون وفق تقلبات الحال والزمان.
والحال ألا أحد يستهدف الحزب ذا الوجهين لأن القائمين على أمره لا يدعون فرصة تمر دون اعلان ازدواجية معاييرهم على الهواء وتحت الأضواء الباريسية الكاشفة. ومن ثم لم يعد الأمر مقتصرا على صراع سياسي متوهم بين الصالحين والطالحين ، من منظور ديني صرف ، ولكنه أصبح مقتصرا على ما تقتضيه الأحكام الأخلاقية التي تتمثل حدودها الدنيا في قول الشاعر:
لا تنه عن خلق وتأتي مثله
عار عليك اذا فعلت عظيم.
ألا هل بلغنا؟ اللهم فاشهد.