واقعة رفض منح فتاة مغربية تأشيرة دخول للأردن تثير التعجب حول أسباب تكرار حدوث مثل تلك الواقعة ليس فقط مع المغربيات بل ونساء دول عربية أخرى عند السفر لبعض الدول العربية.
انتشار الخبر عبر وسائل الإعلام المغربية ومواقع التواصل الاجتماعي دفع سفير المملكة الأردنية الهاشمية بالرباط، حازم الخطيب، إلى التصريح بـ “عدم تغيير الإجراءات المعتمدة في منح تأشيرة دخول التراب الأردني للمواطنين المغاربة”، مُضيفا أن إجراءات منح التأشيرة معمول بها منذ سنوات طويلة ويتم تحديدها وأنه أحيانا يتم تحديد أو تقييد دخول فئات عمرية معينة وليس منعها”.
“تمييز واضح” بسبب صور نمطية
شرحت سوزان عبد الله، الناشطة الأردنية بحقوق المرأة، في حوار أجرته معها DW عربية، الإجراءات المُتبعة للسماح بدخول المغربيات للأردن قائلة “منذ عام 2007، والأردن تسمح بدخول المغربيات إليها بشرط تجاوز أعمارهن الـ 35 عاما ووجود محرم مرافق لكل منهن وحصولهن على دعوة رسمية لحدث ما يتم تنظيمه داخل الدولة”. وترى سوزان عبد الله أن واحدا من سلبيات تلك الإجراءات المتبعة من أجل السماح للنساء بالدخول إلى الأردن هو عدم تطبيقها على الجميع بغض النظر عن جنسيتهن، حيث يتم تطبيقها على المغربيات فقط وهو ما تعتبره “تمييزا واضحا ضد المرأة المغربية بالتحديد”.
كما تتعجب الناشطة الأردنية من عدم سماعها بهذه الإجراءات المتبعة للسماح بدخول المغربيات لبلدها سوى بعد الواقعة الأخيرة التي حدث مع تلك الفتاة المغربية، حيث لم يتم إثارة الموضوع من قبل لسنوات طويلة سواء في الأردن أو المغرب.
وتفسر دعاء حسين، استشارية قضايا النوع الاجتماعي، في حوار مع DW عربية، القرارات التي يتم اتخاذها ضد حاملات بعض الجنسيات العربية، وليس المغربيات فقط، بالصورة النمطية السلبية التي تلاحقهن قائلة “الصورة النمطية التي تلاحق نساء بعض الدول العربية لا تقتصر فقط على الأعمال المنافية للآداب أو الانفتاح غير المقبول أو المسموح به في بعض المجتمعات، حيث تمتد لمزاعم حول ممارسة السحر والقيام بتهريب منتجات بغرض التجارة دون دفع رسوم جمركية”.
إجراءات ضد النساء غير مُعلن عنها
الأمر لا يقتصر على المغربيات فقط لامتداده لنساء من دول عربية أخرى. ففي نهاية عام 2018 تناقل عدد من وسائل الإعلام خبر حظر سفر النساء والفتيات من ثلاث دول عربية، وهي المغرب وتونس ولبنان، للعمل في الكويت بدون رجل مُرافق لهن.
أوضحت الهيئة العامة للقوى العاملة في الكويت حينها أن “تشغيل النساء في الكويت يحكمه قواعد عامة ولوائح قانونية تحظر التشغيل في الأعمال الخطرة أو الضارة صحيا أو التي لا تتفق مع الآداب العامة” دون التمييز ضد النساء الحاملات لجنسية محددة دون غيرها.
وتشير دعاء حسين، استشارية قضايا النوع الاجتماعي، في حوار مع DW عربية، إلى ضرورة التمييز بين الإجراءات المُعلن عنها والإجراءات المعمول بها بدون اعتراف رسمي من الجهات الرسمية. تقول دعاء “تواجه النساء والفتيات العديد من المضايقات في مطارات عدة دول عربية مثل مصر ولبنان عند سفرهن وحدهن بالرغم من عدم وجود أي قوانين مُعلن عنها أو إجراءات رسمية تُقيد سفر المرأة من وإلى هذه الدول، بينما لا يتعرضن لذات المُضايقات في حالة سفرهن مع مرافق كالزوج أو الأب أو الأخ”.
وترفض سوزان عبدالله، الناشطة الأردنية بحقوق المرأة، الدور الذي يلعبه الـ “مَحْرم” للسماح للفتيات من بعض الجنسيات بالسفر قائلة “هذا يتنافى مع مفهوم الدولة المدنية وكل ما نطالب به من مساواة المرأة بالرجل في الحقوق والتي يأتي من ضمنها الحق في التنقل”.
مُبررات واهية لا تمس الرجال
في عام 2017 أصدرت السلطات الإماراتية قرار بمنع التونسيات من السفر على متن طائرات الإمارات المتجهة نحو دبي سواء من مطار تونس أو غيرها من المطارات. والتبرير الرسمي للقرار بدوافع أمنية، لم يحول دون إثارة الغضب في تونس إلى حد مطالبة الحكومة التونسية بتعليق رحلات الطيران الإماراتية بين الدولتين.
وترى دعاء حسين أن الأسباب المُعلن عنها لما يتم فرضه من قيود سواء رسمية أو غير رسمية على سفر الفتيات والنساء هي مجرد مبررات وسوء استخدام لمفهوم “الدواعي الأمنية”، موضحة “شكوك بعض الضباط والموظفين بالمطارات العربية نابعة من الخلفية الثقافية لهم، حيث يوجد نسق قيمي كامل تختلط فيه تفسيرات خاطئة للدين بعادات وتقاليد تنظر للمرأة باعتبارها مصدر محتمل للخطر”. كما تتساءل دعاء ما إن كانت ذات القيود المفروضة من جانب بعض الدول العربية على سفر فتيات ونساء دول عربية آخرى إليها يمكن أن تُفرض يوما على الرجال، بالرغم مما يتمتعون به من حرية مقارنة بالنساء تسمح لهم بارتكاب العديد من التجاوزات إن رغبوا في ذلك.