يحاول النواب البريطانيون الاثنين إيجاد بديل لاتفاق بريكست الذي توصلت إليه رئيسة الوزراء تيريزا ماي، قد يرجّح كفّة الميزان لصالح انفصال “أكثر سلالة” عن الاتحاد الأوروبي.
والأسبوع الماضي، حاول النواب الإمساك بزمام عملية بريكست عبر إجراء سلسلة عمليات اقتراع بشأن ثمانية خيارات. وفي حين لم يحظَ أي خيار بغالبيّة الأصوات، كان اقتراح إنشاء اتّحاد جمركي جديد مع الاتحاد الأوروبي من بين الاقتراحات التي حصلت على أكبر عدد من الأصوات. إلا أن ماي تعارض بشدة هذا الخيار لأن لندن ستخسر احتمال اعتماد سياسية تجارية مستقلة بعد بريكست.
وسيصوّت النواب الاثنين على عدد أقلّ من الخيارات بهدف تأمين غالبية لمشروع والتوصل إلى حلّ للمأزق الحالي. وكان من المفترض أن تغادر المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي في 29 آذار/مارس إلا أنه تمّ إرجاء الخروج، بسبب عدم وجود دعم برلماني لاتفاق بريكست الذي توصلت إليه ماي مع الاتحاد.
ورغم أن عمليات اقتراع النواب لا تملك إلا قيمة استدلالية، صرّح وزير العدل ديفيد غوك الأحد لشبكة “بي بي سي” أن تجاهل إرادة النواب لن يكون أمراً “مستداماً” بالنسبة للحكومة.
وتدرس تيريزا ماي التي تترأس حكومة منقسمة، الاستراتيجية التي ستتبعها وينبغي أن تُقدم خططها أثناء قمة أوروبية تُعقد في العاشر من نيسان/أبريل.
وقالت الجمعة أمام النواب “أخشى أن نكون نصل إلى حدود العملية في هذا المجلس”، في تصريح يلوّح باحتمال اجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
لكن مثل هذه الانتخابات قد تكون كارثية بالنسبة لحزبها المحافظ. وأظهر استطلاع للرأي نشرته صحيفة “ذي مايل اون صنداي” الأحد، أن حزب العمال، الحزب المعارض الرئيسي، سيأتي في الصدارة في حال أجريت انتخابات مبكرة بحصوله على 41% من الأصوات، متجاوزاً بخمس نقاط الحزب المحافظ.
وأكد نائب رئيس الحزب المحافظ جيمس كليفرلي الأحد لقناة “سكاي نيوز” أن اجراء انتخابات مبكرة “لن يحلّ شيئاً”.
لكن المعارضة تبدو متحمسة جداً لرؤية سقوط تيريزا ماي وألمحت النائبة عن حزب العمال ايميلي تورنبيري الأحد في مقابلة مع شبكة “سكاي نيوز” أن حزبها يمكن أن يقدم قريباً مذكرة بحجب الثقة عن الحكومة آملاً أن يتسبب ذلك بالدعوة إلى انتخابات مبكرة.
– انفصال مفاجئ أو بريكست “منظم” –
وبات موقع تيريزا ماي على رأس الحكومة البريطانية ضعيفاً جداً بعد رفض الجمعة للمرة الثالثة اتفاق الانسحاب من الاتحاد الأوروبي الذي توصّلت إليه مع بروكسل في تشرين الثاني/نوفمبر بعد مفاوضات طويلة استمرت أشهراً.
لكنها أقنعت عدداً أكبر من النواب بالاتفاق مقارنة بعمليات التصويت السابقة، في إشارة بحسب المتحدث باسمها، إلى “أننا نسير في الاتجاه الصحيح”.
وقد تطرح الزعيمة المحافظة للمرة الرابعة على التصويت أمام النواب اتفاق الانسحاب الذي يُفترض أن يتيح للمملكة المتحدة الخروج من الاتحاد الأوروبي مع فترة انتقالية حتى نهاية العام 2020، بهدف تفادي حصول انفصال مفاجئ.
وأكدت ماي الجمعة أنها ستواصل “الدفاع عن بريكست منظّم”.
وأشارت إلى أنه في حال عدم التوصل إلى حل، فإن الخيار “التلقائي” سيكون بريكست من دون اتفاق في 12 نيسان/أبريل، وهو ما تخشاه الأوساط الاقتصادية. وفي حال طلبت ماي إرجاء جديداً تكون مدته أطول، فذلك يجب أن يكون مبرراً وسيُرغم المملكة المتحدة على إجراء انتخابات أوروبية في أواخر أيار/مايو.
وكتب عشرات النواب المحافظين بينهم حوالى عشرة وزراء، رسالة لرئيسة الحكومة مطالبين بخروج المملكة المتحدة من الاتحاد بسرعة.
وأكد رئيس الحزب المحافظ براندون لويس وجود هذه الرسالة وصرّح السبت أنه كان ينبغي “القيام بكل ما بوسعنا للخروج من الاتحاد الأوروبي بشكل منظّم في أسرع وقت ممكن”. وأضاف أن الاتفاق الذي توصلت إليه تيريزا ماي هو “الطريقة الصحيحة للقيام بذلك”.
وأوضح رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر مساء الأحد أن الاتحاد الأوروبي تحلّى بـ”الكثير من الصبر” مع البريطانيين بشأن ملف بريكست لكن هذا الصبر بدأ “ينفد”.
وقال يونكر لقناة “راي 1” الإيطالية الرسمية “أودّ أن تصل بريطانيا في غضون بضع ساعات، بضعة أيام، إلى اتفاق بشأن المسار الذي يجب اتباعه”.
وفي حين تظاهر الآلاف من مؤيدي بريكست الجمعة في لندن، لا يزال مناصرو الاتحاد الأوروبي يأملون أن تبدّل لندن موقفها. وقد تجاوز عدد التوقيعات على عريضة تطالب ببقاء بريطانيا في الاتحاد، الستة ملايين.