حسن اليوسفي المغاري *
إن أول شيء يصادف الدارس للمشهد الإعلامي المرتبط بإصدار الصحف إبان عهد الحماية، هو التميز الذي كانت تعرف به الصحافة الحزبية، وذلك من خلال طابع التعدد الكمي والكيفي. فالأحزاب السياسية لم تكن تقتصر على إصدار عنوان واحد، بل كانت التعددية العددية شيئا ملازما لها، هذا إلى جانب التعددية الكيفية، ونعني بهذا، الجانب اللغوي.
فمن الناحية العددية، كان الوازع في ذلك يرجع بالأساس إلى ما كانت تتعرض له الصحافة الوطنية المغربية من منع وحجز ومراقبة مسبقة، الأمر الذي كان يستلزم على الأحزاب إصدار عدد من الصحف لكي تضمن عملية التواصل عن طريق عنوان واحد بعدما تمت مصادرة حق التعبير من خلال منابر متعددة.
كتلة العمل الوطني
كانت كتلة العمل الوطني بمثابة الانطلاقة الرئيسية لبداية ظهور الأحزاب السياسية في المغرب، وبالتالي كانت الصحافة المقرونة بهذا التنظيم بمثابة الصحافة الوطنية الأولى. بحيث كانت صحافة الكتلة بمثابة المدرسة الأولى للصحافة الوطنية المغربية، وذلك بحكم الظروف السياسية التي كان عليها المغرب آنذاك من جهة، ثم بحكم أن الأفراد الذين كانوا يشاركون في تحريرها هم من رواد الحركة الوطنية المغربية، فكانت البداية مع: MAGHREB مغرب، باللغة الفرنسية. كانت تصدر بباريس وتعبر عن آراء الحركة الوطنية المغربية، وهي مجلة شهرية صدر أول عدد منها في شهر يوليو من سنة 1932 تحت رئاسة الفرنسي Robert Jean Longe بمشاركة ثلة من الشباب المغاربة.
إرادة الشعب: LA VOLONTE DU PEUPLE صدر أول عدد منها في 8 ديسمبر 1933، أصدرتها كتلة العمل الوطني من أجل تعويض سابقتها عمل الشعب. لكنها توقفت في 9 مارس 1934
* عمل الشعب L’Action Du Peuple صدر أول عدد منها في 4 أغسطس 1933 وهي ناطقة باللغة الفرنسية صدرت بمدينة فاس، كان يشرف على تحريرها محمد حسن الوزاني. “فقد قامت هذه الجريدة بالدفاع عن وجهة نظر الحركة الوطنية المغربية ضد السياسة الفرنسية البربرية العنصرية، وضد سلسلة التعليم المبنية على التمييز وانتشار المظالم”، (عبد الكريم غلاب، تاريخ الحركة الوطنية). وصدر حكم قضائي ضد الجريدة في 30 نوفمبر 1933 قضى بحجزها. وبعد تقديم دعوى استئنافية لدى محكمة الرباط، قررت إلغاء الحكم في 20 فبراير 1934 وأعلنت الجريدة بأنها ستكون ناطقة بلسان كتلة العمل الوطني.
* إرادة الشعب: LA VOLONTE DU PEUPLE صدر أول عدد منها في 8 ديسمبر 1933، أصدرتها كتلة العمل الوطني من أجل تعويض سابقتها عمل الشعب. لكنها توقفت في 9 مارس 1934.
* العمل الشعبي: L’Action populaire صدر أول عدد منها في 27 فبراير 1937 بمدينة الرباط، وهي جريدة أسبوعية ناطقة باسم الكتلة. منعت من الصدور في 4 شتنبر 1937، وفي 27 شتنبر من نفس السنة أصبحت ناطقة باسم الحركة القومية.
الحزب الوطني
* المغرب: صدر أول عدد منها في أبريل 1937 بمدينة الرباط، استمرت في الصدور من سنة 1937 إلى سنة 1939 حيث توقفت بقرار من سلطات الحماية الفرنسية.
* الوداد: صدرت أسبوعيا سنة 1937 بمدينة سلا تحت إدارة محمد اشماعو، حملت شعار الوداد لأنه كانت لها سياسة معتدلة في خطابها اتجاه المستعمر الفرنسي، وكان شعارها: “الوداد، نضال يرضي المحق ولا يشفيه.. نبراس مضيء يكشف قناع الجهالة عن حقائق الأمور”.
حزب الإصلاح الوطني
كان قانون الصحافة في المنطقة السلطانية يحظر على المواطن المغربي إصدار جريدة باللغة العربية إلا بعد إذن من الصدر الأعظم، وهذا الإذن كان يبقى دون إدن الإدارة الفرنسية التي كانت مصممة على عدم منحه. ولأجل ذلك ارتأت مجموعة من الوطنيين اللجوء إلى المنطقة الخليفية لإصدار الصحف باللغة العربية نظرا للانفتاح النسبي في المنطقة. فمدينة تطوان كانت تعتبر وجهة الوطنيين وكانت تعبر عن وجهة نظر الوطنية المغربية، فكان أول إصدار عبارة عن مجلة ثقافية شهرية، السلام، التي كان يصدرها الأستاذ محمد داوود، صدر العدد الأول منها في أكتوبر 1933، والعدد الأخير في نوفمبر 1934، أي بعد صدور ما مجموعه عشرة أعداد. بعد ذلك ظهرت صحيفة أسبوعية تحت اسم الحياة: وهي مجلة ثقافية أدبية توقفت هي الأخرى بعد صدور العدد العاشر نظرا لأنها بدأت تناقش الأمور السياسية للمنطقة السلطانية.
عندما نريد أن نتحدث عن حزب الوحدة المغربية بتطوان وعن صحافته، فإن الحديث سيتجه مباشرة إلى الشيخ المكي الناصري. فقد أصدر هذا الأخير مجموعة من الصحف الناطقة باللغة العربية نظرا لنسبية الانفتاح الذي كانت تتمتع به المنطقة الخليفية
* الحرية: صدر العدد الأول منها سنة 1937 بمدينة تطوان، وكان يرأس تحريرها عبد الخالق الطريس، وهي كما جاء في عنوانها: جريدة يومية لحزب الإصلاح الوطني “LA LIBERTAD”. كان آخر عدد صدر منها بتاريخ 17 يناير 1947 بقرار من السلطات الإسبانية، وذلك بسبب عدم قدرتها على أداء مبلغ 10 آلاف بسيطة كغرامة من أجل تهمة المس بكرامة الدولة الإسبانية. فقد جاء في أحد أعدادها من خلال افتتاحية حرية الصحافة والحالة الحاضرة.
* الريف: صدرت سنة 1935 تحت إدارة التهامي الوزاني. جريدة أسبوعية وطنية حرة سياسية ثقافية، كانت غالبية المواضيع التي تنشرها ذات الاتجاه المعتدل بالنسبة للمستعمر الإسباني. وبالرغم من شعارها “وطنية حرة” كانت علاقتها مع عبد الخالق الطريس زعيم حزب الإصلاح الوطني، جد عميقة. صدر آخر عدد منها سنة 1954، وهو العدد 1178.
* الأمة: جريدة ناطقة باسم حزب الإصلاح الوطني، مديرها المسؤول هو محمد اللبادي، ورئيس تحريرها محمد الخطيب.
حزب الوحدة المغربية
عندما نريد أن نتحدث عن حزب الوحدة المغربية بتطوان وعن صحافته، فإن الحديث سيتجه مباشرة إلى الشيخ المكي الناصري. فقد أصدر هذا الأخير مجموعة من الصحف الناطقة باللغة العربية نظرا لنسبية الانفتاح الذي كانت تتمتع به المنطقة الخليفية. وقد سعى المكي الناصري من خلال مجموعته الصحفية التعريف بالقضية الوطنية وبمبادئ حزبه، حزب الوحدة المغربية. فكانت أول جريدة سميت باسم الحزب نفسه.
* الوحدة المغربية: صدر العدد الأول منها في 3 فبراير 1937، جريدة ناطقة بلسان حزب الوحدة المغربية. كان شعارها الذي تحمله: “المغرب للمغاربة أولا وأخيرا، الشعب بالعرش والعرش بالشعب”.
عرفت الجريدة بمواقفها المعتدلة تجاه المستعمر الإسباني خلال مراحلها الأولى، لكن هذه المواقف ستصبح أكثر وضوحا وأكثر صراحة بعد ذلك، الشيء الذي دفع بالسلطات الإسبانية إلى توقيفها في 18 يوليو 1946، ثم عاودت الصدور بعد ذلك ولمدة ثلاثة أشهر إلى حين توقيفها نهائيا في 22 نوفمبر 1946. وكان مجموع الأعداد التي أصدرتها 565 عددا.
الشعب: صدر أول عدد منها في سنة 1952 بمدينة طنجة، وكان يشرف عليها المكي الناصري. جريدة ناطقة بلسان حزب الوحدة المغربية. في سنة 1953 أصبحت ناطقة باسم الجبهة الوطنية المغربية، وكان شعارها: “الله الوطن الملك، الشعب قبل كل شيء والعرش فوق كل شيء”
* منبر الشعب: صدر أول عدد منها في 5 يوليو 1949، وهي كما جاء في تعريفها: لسان الدفاع عن المصالح المغربية. أسسها محمد المكي الناصري ويديرها الحاج عبد السلام التمسماني.
من إحدى افتتاحياتها نقرأ: “إن الدفاع عن كياننا حق من الحقوق الطبيعية التي لا تنكر، وأن النضال في مستقبل وطننا ومصير شعبنا لن يتولاه غيرنا ولو برهن على أنه من أخلص الناس لنا وأقربهم إلينا…” (السنة الأولى، العدد 253. الأحد 4 يونيو 1950).
* الشعب: صدر أول عدد منها في سنة 1952 بمدينة طنجة، وكان يشرف عليها المكي الناصري. جريدة ناطقة بلسان حزب الوحدة المغربية. في سنة 1953 أصبحت ناطقة باسم الجبهة الوطنية المغربية، وكان شعارها: “الله الوطن الملك، الشعب قبل كل شيء والعرش فوق كل شيء”.
بهذه المحاولة، نكون قد تطرقنا إلى مجموعة من الصحف التي أصدرتها الأحزاب السياسية المغربية في مرحلة تاريخية مهمة من المشهد الإعلامي الحزبي المغربي، مع العلم أن الدراسة أوسع وأشمل لكي تكون مرجعا يُغني الباحث عن مصادر الصحافة الحزبية في المغرب