بالقرب من مدينة بوسطن الأمريكية، ومن أجل التعريف بتراث بلدهم، يعمل مواطنون من أصول مغربية في صمت وبإمكانيات محدودة وداخل إطار جمعوي ثقافي، يشرفون دوريا من خلاله على تنشيط برامج ثقافية ومدنية متعددة في أماكن مختلفة من ولاية الماساتشوست،
ومن بين هذه الأنشطة التي يقوم بها النشطاء المغاربة؛ المكتبة العمومية لِمَدينة مولدن التي تحتضن وبشكل مُنتظِم طوال السنة مناسبات ثقافية متنوعة ومتعددة، تتجلى أهمهاعلى سبيل المثال لا الحصر، في برنامجها السنوي المعروف ب”مولدن تقرأ” « Malden reads »، والذي يهدف إلى خلق إشعاع ثقافي للمدينة من خلال التشجيع على”القراءة للجميع”.
وعرف اللقاء حضور مجموعة من الفعاليات الجمعوية والسياسية والفكرية والثقافية، سواء المنتمية للمدينة أو خارجها. علاوة على حضور تلاميذ وتلميذات السلك الثانوي بالمدينة، بالإضافة إلى الإعلام المحلي أو الوافد من جهات أخرى.
البرنامج أصبحت شهرته وصيته يتَّسِعان سنة بعد أخرى على مستوى الولاية وذلك بفضل الأهداف المتوخاة منه والتي تتمثل أهمها في جعل بوسطن مدينة العلم والمعرفة وأشهر وأكبر الجامعات، فضاءً ينصت دورياً لصوت الثقافة العربية والمغربية بمختلف مكوناتها.
ويأتي اهتمام هذا البرنامج بالقراءة، من أجل متعة الاستمتاع بالكتاب وتنمية الثروة اللغوية وتطوير مستوى الفرد في التعامل مع اللغة وأساليبها، وخلق ميل إيجابي نحو القراءة و الإقبال عليها وحب الكتاب وملازمته واقتنائه وتداوله، علاوة عن ترسيخ ثقافة الانفتاح على الغير واستيعاب قيم وضوابط التعايش كالاختلاف والحوار من خلال تقبل الآخر و احترامه وحسن مخاطبته وإنصافه.
واستقطب البرنامج عددا هائلا من الزوار من جميع أنحاء الولاية، حيث ينظم برعاية شرفية من لدن مجلس المدينة مُمَثَّلة في شخص عمدتها الذي يحرص دائما على الحضور في مثل هذه اللقاءات رفقة ثلة من أعضاء مجلسه الإداري. إلى جانب ذلك يشارك في هذا البرنامج ممثلون عن مختلف الجاليات والجماعات المتواجدة بالمدينة ونواحيها، كالجالية الصينية واللاتينية والإفريقية والطائفة اليهودية وممثلين عن جهات أخرى.
ومن جهة أخرى، يهدف هذا البرنامج إلى إثارة مواضيع لها صلة بالفكر الإنساني بكل مناحيه، وذلك من خلال التشجيع على خلق فضاءات للإبداع وإعطاء الفرصة لكل فرد أن يعبر عن الثقافة التي ينتمي إليها والتعريف بما يمكن تقديمه من مناهج ونظريات سواء العلمية منها أو الفلسفية وفي هذا الصدد جاء اختيار كتاب”The Martian” أو”المَرّيخي” لصاحبه الروائي الأمريكي الشابAndy Weir ، وهو الكتاب الذي حوله المخرج الانجليزي الأصل ريدلي سكوت Ridley Scott إلى عمل سينمائي. وقد عمل المنظمون على أن يخلقوا من خلاله نقاشا معرفيا حول دور العلم والاهتمام به والثقة في العلوم الحقة – العلوم الفيزيائية أو الطبيعية أو الرياضيات – والتي تنبني على الإثبات من خلال معطيات القياس والتجربة، من أجل الوصول إلى قوانين وقواعد تُمَكِّن الإنسان في نهاية المطاف أن يكون سيد هذا الكون و ليس عبدا له.
وفي نفس الإطار، تقوم الرابطة الأمريكية للمرأة العربية والتي تترأسها المغربية سعاد عاكب المقيمة بالولايات المتحدة الأمريكية،والتي دأبت على المشاركة بالبرنامج منذ نسخته الأولى، تقوم بأنشطة متنوعة تشمل كل سنة موضوعا ذا صلة بأهدافها وبالثقافة المغربية/العربية التي هي ميدان اشتغالها، وذلك بتنسيق مع المسؤولين عن برنامج “مولدن تقرأ”.
وخصصت الرابطة جانبا من رواقها لبعض الصور والوثائق لبعض علماء العرب/المسلمين الذين أثروا المشهد العلمي والفلسفي في فترة معينة من تاريخ الحضارة البشرية، بإنجازات علمية ورياضية لازالت محط اهتمام المفكر الأوروبي إلى يومنا هذا، كالرازي وابن رشد في الطب، جابر بن حيان في الكمياء والطبيعة،ابن الهيثم، ابن سينا والخوارزمي في الرياضيات والفلك…
يشار إلى أن الرابطة الأمريكية للمرأة العربية و المعروفة بِ AAAW هي جمعية ثقافية تعنى بمجال المرأة المغربية والعربية بشكل عام، تأسست منذ ما يزيد عن سبع سنوات، من طرف ثُلّة من الكفاءات المغربية المتواجدة بأرض المهجر وبالضبط بمنطقة بوسطن- ولاية الماساتشوست الأمريكية، وهي جماعة من الباحثين والمهتمين بقضية المرأة عموما. تترأسها السيدة سعاد عاكب و هي مغربية من مواليد مدينة الرباط