نور الدين عثمان*
بعد سنوات من الوعود المعسولة والأماني والأحلام الميمونة التي بُشّرت بها ساكنة اقليم وزان من طرف المسؤولين، سواء السلطات الإقليمية أو المجالس والهيئات المنتخبة بمختلف تلاوينها السياسية، بأن طفرة تنموية قادمة لا محالة، على المدى القريب أو المتوسط في أبعد تقدير، بأان المشاريع التي أنجزت أو التي هي في طور الإنجاز ستجعل الإقليم مثالا يحتذى به في التنمية وما على الساكنة إلا الصبر والسلوان، لأن إنجاز المشاريع سيتطلب وقتا حتى يتحقق الحلم القديم الضائع بين تضاريس الإقليم من خلال الجولات الماراطونية التي قام بها المسؤولون في مختلف مناطق الإقليم، وما رافقها من مواكب فخمة من سيارات الدولة التي استقدمت لهذا الغرض، وما تخللها من حفلات ووجبات سمينة وكؤوس من المشروبات من مختلف الأذواق والأصناف، وطبعا من المال العام.. كان هدفها هو التشخيص التشاركي لواقع حال الإقليم من أجل إيجاد حلول تستجيب لحاجيات وتطلعات المواطنين في مختلف تراب الإقليم.
لكنْ ها هي اليوم قد انكشفت الحقيقة المُرة التي طالما نبهنا إليها وقلنا مرارا إن الفساد والريع ونهب المال العام وخيرات الإقليم بلغت مستويات لا تطاق، وكان جواب المسؤولين بأن كل شيء على ما يرام وأن النتائج جيدة، وما على المواطن سوى المزيد من الصبر حتى يستفيد من ثمار التنمية.
مناسبة هذا الكلام هو تلك المظاهرة الحاشدة التي خرجت من مداشر وقرى جماعة “المجاعرة” يوم الخميس 10 غشت وصولا إلى مقر الجماعة، إذ لم تكن المطالب سوى الحق في الكرامة ومختلف الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، وليس مطلب الماء وحده رغم أهميته القصوى، ما يعني بوضوح أن الساكنة لم تعد تنطلي عليها تلك الوعود المعسولة والأكاذيب المفضوحة. فمطلب الكرامة مثلا له أكثر من دلالة ومغزى، علما بأن هذه الجماعة ليست أفضل حالا من الجماعات المكونة للإقليم. لكن واقعها المزري كشف حقيقة في غاية الأهمية تتمثل في أن الأموال الطائلة التي رصدت لها من طرف قطاعات حكومية ومجالس منتخبة ومن أموال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية شأنها شأن الجماعات المجاورة، التي هي أسوأ منها بكثير؛ بدعوى أنها تعرف ارتفاع منسوب الهشاشة والفقر، وبالتالي وجب إعطائها الأولوية حتى تلتحق بركب التنمية، غير الموجود أصلا في الإقليم. فأين هي إذن هذه المشاريع والأموال؟ والأهم هي التنمية، لماذا خرج هؤلاء السكان من تلقاء أنفسهم؟! إنها مجرد أضغاث أحلام! فلا وجود لتنمية حقيقية على أرض الواقع، ومن يشكك في هذا فما فعليه إلا أن ينزل من برجه العالي حتى يقف على معنى الهشاشة الحقة.
فإذا كان ملك البلاد قد أكد بوضوح في خطاب العرش أن على المسؤولين الذين يتقاضون أجورا سمينة من المال العام وفشلوا في إنجاز الأوراش التنموية في المملكة الرحيل، فإنه من هذا المنطلق، وجب على من فشلوا في تحريك عجلة التنمية الرحيل فورا، وعلى رأسهم عامل الإقليم ومن يدور في فلكه، لأنه ببساطة لا شيء تحقق خلال هذه السنوات. وكونوا مطمئنين، فإننا سنطوي سجلكم وتاريخكم بكل مرارة وسنُدخلكم رغما عن ذاكرتنا إلى غياهب النسيان، مع ضرورة محاسبتكم، لأن الوطن أكبر منا جميعا ومصلحة الوطن تتجاوز مصالح الأفراد مهما كان شأنهم وموقعهم.
بقي أن أضيف أن المكتب الإقليمي للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بوزان تابع عن قرب هذه المسيرة السلمية الحضارية. وتحية لساكنة الإقليم قاطبة.
*رئيس المكتب الإقليمي للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بوزان