تابع المهتمون باستغراب الإقالة “المفاجئة” لعبد المجيد تبون، وهو الذي لم تمرّ سوى ثلاثة أشهر على توليته منصب الوزير الأول في الجارة الشرقية للمملكة.
وتعيش الجزائر، منذ مدة طويلة، على وقع أزمة داخلية تزكّيها الأطراف المتناحرة على السلطة، وعلى رأسها مؤسسة العسكر، التي تُسيّر فعليا، شؤون البلد، في ظل “عجز” الرئيس بوتفليقة، الذي يقول كثيرون إنه ليس إلا واجهةً “شرعية” لمداراة التحكم الفعلي للعسكر في كل كبيرة وصغيرة تهمّ الحياة السياسية والاقتصادية لهذا البلد، الغني بالبترول، بينما تعيش فئات واسعة من شعبه في فقر بادٍ للعيان.
ويرى المتتبعون للشأن الجزائري أن “الرئيس” عبد العزيز بوتفليقة بتأشيره (أمس الثلاثاء) على إقالة “تبون” وتعويضه بالوزير الأول الأسبق لثلاث ولايات، أحمد أويحيى، يكون قد “وافق” على إحدى “أسرع” الإقالات التي تصدر في حق أحد مسؤولي هذا البلد، بل وذهب بعضهم إلى أبعدَ من ذلك وهم يرون في هذه الإقالة توجّهاً نحو تدشين مرحلة “ما بعد بوتفليقة”..
وفي ظل أحاديث عن سقوط “تبون” في “خطأ” اتخاذ قرارات ضد مصالح رجال أعمال محسوبين على سعيد بوتفليقة، شقيق “الرئيس” الحالي، بطريقة لم يتوقعها أحد، فإن متخصّصين في الشأن الجزائري ذهبوا إلى أن هناك قطاعات جديدة بدأت تسيطر على ميزان القوى هناك، منها على الخصوص التيار الذي يقوده شقيق الرئيس الجزائري، سواء في المجال الأمني أو العسكري، ومنهم وزير الدفاع، ورئيس أركان الجيش، إضافة إلى قطاع الأعمال، المتحكم بدوره في اللعبة السياسية في بلد المليون شهيد.
ويتضح من كلّ هذا أن عبد العزيز بوتفليقة، المريض والعاجز، لا قدرة له على التأثير في ما يجري في بلده من صراعات وتطاحنات، إذ صارت الارتجالية تظهر جلية في كثير من “قراراته”، سواء تعلق الأمر بالتعيين أو بالإقالة، في مؤشر دالّ على ضعف مؤسسة الرئاسة في الجزائر واحتدام الصراع بين أجنحة العسكر في الإعداد لما بعد بوتفليقة.
ولا يُتوقع بعد تعيين أحمد أويحيى، المعروف بكونه أحدَ أكثر السياسيين الجزائريين عداءً للمغرب، على رأس الوزارة الأولى أن يقع أدنى تغيير في الموقف الرسمي للبلدين “الجارَين”.