تعيش مدينة فاس، منذ شهور، حالة فوضى وانفلات أمني رهيب جعل بعضن السكان يطلقون عليها “كولومبيا”.. فاس، التي ثارت على حزب الميزان، بقائده حميد شباط، ومنحت السلطة لـ”مصباح” توسمت فيه نورا قد يُذهب عتمة طال أمدها. مرت سنتان على اندحار الاستقلال وركوب “البيجيدي” صهوة تسيير دهاليز المدينة العلمية وبقي والحال هو الحال، وربما صار أسوأ.
الحي الصناعي سيدي إبراهيم يحتضر، وربما ينتظر من يدق المسمار الأخير في نعشه، السياحة تعيش ركودا غريبا على معلمة صنفتها “يونيسكو” ضمن التراث العالمي احتراما للقرون الاثنى عشر التي مضت.. التعليم في انحدار مستمر، بعدما تراجعت جامعة محمد بن عبد الله عن أداء دورها الطلائعي. الباعة المتجولون احتلوا شوارع المدينة وجعلوا مداخل الأحياء الشعبية مثل عنق الزجاجة. قطاع الصحة أثبت فشله منذ أمد بعيد، وما على المشكك إلا زيارة مستعجلات المستشفى الجامعي الحسن الثاني (CHU). المجال الوحيد التي تتصدر فيه مدينة فاس الريادة هو عدد الاعتداءات و”التشرميل”، خصوصا بعد وصول حبوب الهلوسة إلى دروب وأزقة الأحياء الشعبية، عوينات الحجاج، بندباب، الجنانات، 45، زواغة، بنسودة، سيدي بوجيدة… أحياء تعيش على نشوة “الإكسطا”، التي خرّبت عقول الشباب الفاسيين، والنتيجة: مدينةٌ الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود، كما عبّر عن ذلك أحد المواطنين. إذ لا يكاد يمر يوم في فاس دون جريمة قتل أو بتر لأحد الأعضاء أو اغتصاب أو انتحار.. والحل يبدو غير قريب، في ظل المقاربات الفاشلة التي انتهجها المسيرون القدامى، والتي ينهجها المسيرون الحاليون.