“يتوقف مصير كل أمة على شبابها”.. قولة تحتاج إلى وقفة تأمل عميقة علنا نستفيق من وجع الصفعة المدوية؛
شباب المغرب التائهون، المتأرجحون بين مطرقة البطالة وسندان الجهل… تدحرجوا نحو الهاوية وأبوا تسلق القمم.. وعن أي قمم أتحدّث، وهؤلاء الشباب لا يصلهم من نور الحياة سوى شذرات؟!…
ثلة اختارت الهجرة أو نفذت اختيار الأهل من زمن، فصارت وصمة عار على كل جواز سفر مغربي.. لم نجن من وراء بغضهم وتطرفهم سوى نظرات الاحتقار التي باتت ترمقنا بها كل عين أجنبية؛
وثلة أخرى قبعت في مستنقع الإدمان والجريمة فعفّنت المجتمع، هوّلته وأرعبته.. ونشرت أمراضها النفسية والعقلية في الأرجاء.
إن ما بتنا نتلقاه من أهوال كل ساعة ما هو إلا نتيجة للجهل المتفشي داخل الأحياء، وما هو إلا جزء لا يتجزأ من الأفلام المرعبة التي يعيشها المجتمع دون توقف.
فماذا ننتظر من شباب يداولون ساعات يومهم وسط دوامة فراغ مميتة؟ لا يعرفون للحياة طريقا غير الدرب المظلم منها،
اهتماماتهم لا تتعدى أجسادهم ورغبات أجسادهم التي أنهكها الفقر والضياع..
يقول حسن البنا: “إننا في الحاجة إلى غربلة هذا الغذاء الثقافي الذي يقدم للجيل الجديد في صورة كتب أو روايات أو صحف أو مجلات”، وهذا يعني أننا، وبكل استياء، صرنا نعيش على المحك ولن ينتشلنا من هذه القذارة سوى التطعيم الثقافي، فوحدها الثقافة من تمتلك من القوة ما يكفي لقلب موازين المجتمع… فما إن يتم زرعها في صفوف الشباب حتى تنمو شتلات وعي يستظل بها جيل بأكمله.
ما يحتاجه الشباب اليوم هو مهرجانات القراءة، بدل الرقص.. ومسابقات التربية، عوض الانحلال الأخلاقي…
ما يحتاجه الشباب اليوم برامج تلفزية وأفلام وثائقية تنمي فكرهم وتنير عقولهم، لا مسلسلات مدبلجة تزف إليهم ثقافات بعيدة كل البعد عن الواقع الذي يعيشونه..
ما يحتاجه الشباب: إعادة بناء وهيكلة وأن يعاملوا على أنهم رجال الغد وآباء الغد وأعمدة مجتمع الغد. ما يحتاجه الشباب: يد تربت على أكتافهم وتسلك بهم طريق النور.. وما نحتاجه نحن: حس مسؤولية عال تجاههم وتجاه مستقبل هذا الوطن.