يندهش المرء، بل يقف مصدوما أمام الأخبار الواردة بالخطب الجلل، فبعد أن استبشر العديد من المغربيات والمغاربة خيرا برفع حزب أخنوش شعار “أغراس أغراس”، وكان المأمول من دخول “رجل الأعمال الناجح” مرحلة تولي القيادة السياسية لحزب أحمد عصمان تدشين حقبة حزبية جديدة تجمع ما بين الخط السياسي المرن والحكامة الحزبية الجيدة، أتى العقد المشبوه بين “السيدة الوزيرة باسم الحزب” و”السيد عضو المكتب السياسي لنفس الحزب”. وإذا كانت خطيئة العقد تتجسد في نسف الشطر الأول من شعار “أغراس”، فإن عدم فتح حزب أخنوش تحقيقا داخليا أحاطنا علما بنسف الشطر الثاني من الشعار.
سقط شعار “أغَراس أغَراسْ” وماذا بعد؟!
يتلخص الجواب في تفسير سهل ينطلق من حقيقة أن الرأسمال السياسي للسيد أخنوش كان يعتمد فقط على الترويج لخصلة “نظافة يد الرجل”، ولم يتعزز هذا الرأسمال بتراكم سياسي متين فكريا. فأخنوش رجل تجارة انتقل إلى المراكز الأمامية في عالم المال والأعمال والسياسة، لذا من الصعب أن يجمع أخنوش بين “المجد” المالي والسياسي. فقط الإعلام حاول أن يصنع منه شخصية فوق طاقته ويكلفه بما لا يستطيع إليه سبيلا. ليس أخنوش هو ذاك “المشروع البديل” الذي يحاول بعض الإعلاميين تصويره مثل “برلسكوني المغرب”، بل هو عزيز أخنوش، لاعب سياسي يقود حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي لا يمكن أن تجده حيا في المعارضة، مثلما لا يستطيع أي حزب تسيير الحكومة دون مشاركة حزب أخنوش.
وبالتالي لا داعي لإشاعة خرافة أن أخنوش يقود معارضة حزب العدالة والتنمية من داخل الحكومة، فالتجمع الوطني للأحرار يمانع فقط حين يدافع عن مصالح الفئة التي يمثلها، والتي تشكل عموده الفقري منذ إستراتيجية التأسيس. ومن السذاجة السياسية الاعتقاد بأن أخنوش سيتحول إلى كاريزما “المعارض” لأن سبب وجوده على رأس التجمع الوطني للأحرار هو نفسه سبب عدم قدرته على قيادة المعارضة المنبثقة من رحم الطبقات الشعبية.
إن شبهة استغلال النفوذ والزبونية في توقيع عقود صفقات عمومية تضع عزيز أخنوش أمام محك إثبات جدية ومصداقية شعار “أغراس أغراس”؛ ولا بد من فتح تحقيق داخلي كإجراء عمليّ يساعد على إعطاء صورة واضحة عن حقيقة الواقعة الخطيرة. فلا يمكن أن يسمح حزب أخنوش لأعضائه بشرعنة مثل هذه الممارسات السياسية سيئة الذكر، ولا يمكن أن تستمر المنظومة الحزبية في تقديم المبررات المتكاثرة لاستمرار حالة التسيب والأخطاء المتعمدة التي لا تساعد على بعث بوادر الأمل والتفاؤل والثقة في العملية الديمقراطية.
قد يكون السيد عزيز أخنوش صادقا في تصريحاته المبشرة بعهد حزبي جديد، لكن مفهوم الإصلاح الحزبي لا يقوم على إرادة سياسية فردية.. فهذا الإصلاح هو مشروع التزام جماعي ينطلق من مؤسسة الحزب ليصل نحو مكوناته الداخلية، بمختلف قطاعاتها ومواقعها التنظيمية.
ولأن السياسة تجد تعريفها في ما يمكن أن يكون، فلا بد للسيد عزيز أخنوش من استيعاب نوع المحاسبة التي يجب أن يكون موضوع تحقيقها “حزب أخنّوشْ واللعب المفروشْ”.