الدكتور عبدالكبير بلاوشو
طرح مالك بن نبي منظومة رائعة تتكلم عن ثلاثة عوالم (تتحرك بشكل دائري) تساعد العقل/المنظر في ممارسة عمليات القراءة والفهم على حركية المجتمع والدولة و المؤسسات والأفراد من أجل تقييم الحالة و تقويم الوضعية في أفق بناء وهندسة البدائل، هذه العوالم هي كالتالي: عالم الأفكار الذي ينقسم إلى ثلاثة أنواع (أفكار حية تحرك البيئة الراكدة، أفكار ميتة انتهت صلاحيتها وأفكار قاتلة كالتي قام عليها مشروع قانون الإنتقام 20-22)، عالم العلاقات وهو انعكاس لعالم الأفكار من حيث القدرة على ترجمة الفكرة إلى علاقة في مجالات الفعل الإنساني، وأخيرا عالم المشاريع كنتاج لتفاعل الأفكار والعلاقات في مظهر مادي ملموس (صناعة الواقع).
في زمن كورونا وأمام حاجة المجتمع إلى فتح مسارات جديدة على أساس إجتراح حلول فكرية في إطار علاقات ومشاريع اجتماعية راقية، لا ينبغي أن نسمح بثقافة الإجهاز والفوضى في العوالم الثلاثة على مستوى الخيار الإستراتيجي وصناعة القرار المؤسساتي. من هنا تصبح الأفكار القاتلة عاملا في تدمير الثقة وتحطيم الإرادة وتفكيك العلاقة واتساع الفجوة: إنها خطورة التفكير والتدبير بمنطق كوفيد19. لقد أضحى لزاما على الدولة بكل مؤسساتها في ظل حالة الإجماع والتعبئة الوطنية للتصدي للجائحة الإتجاه إلى :
- تصميم توجهات مرنة وتشريعات ضامنة للحقوق وليس العكس، نصوص لها القدرة على التكيف مع الظروف الراهنة و المتغيرات اللاحقة من أجل الإرتقاء والإرتفاع وليس إعادة الإشتغال بالأساليب التقليدية و التي انتهت صلاحيتها مع غزوة كوفيد19 الدي أتى من العالم اللامتناهي في الصغر لنفاجأ في إطار الموجة الثانية بظهور كوفيد20-22 بأفكاره القاتلة والمميتة للإجماع.
- تطبيق مفاهيم التحليل والتخطيط الإستراتيجي للتخفيف من قيود العزل والحجر والحظر والتفكير في طرق العودة إلى الحياة الطبيعية. وفي هذا السياق نحن لسنا في حاجة إلى مكاتب الخبرة الأجنبية لهندسة خارطة طريق للخروج من منظومة الإغلاق ووضع سيناريوهات المصاحبة والمتابعة لأنه لا وجود لمعايير متفق عليها أمام تعدد وتنوع خصوصيات المجتمعات في تعاملها مع اللحظات الحرجة.
فعندما تكون الإستجابة للتحدي بذكاء جماعي (مجتمع+دولة) من أجل مراكمة الأعمال والمساهمات في إطار مواجهة الأزمة، حتى وإن تأسس الفعل المؤسساتي على ثقافة الصندوق، لا ينبغي أخلاقيا استغلال لحظة استرداد الثقة المفقودة للإنقضاض والإجهاز على مبادئ الحقوق والحريات في زمن يستوجب توجيه الطاقة الجماعية لترسيخ مفهوم الدولة الإجتماعية. لكن للأسف الشديد إنها الكورونا السياسية ومسلكيات الإنتقام من الحركات والإنتقادات المجتمعية ليبقى الصواب والأجدر سحب النصوص القاتلة لحرية الرأي والحق في التعبير من التداول الرسمي واستثمار التعبئة من أجل البناء والتهدئة :
- بناء العقول وقانون تقليص الفجوات بين الفئات المجتمعية
- بناء مسار الربط بين أنظمة الخدمات ومنظومة الدراسات والأبحاث
- بناء إطار لتقوية الجرعات التقنية في أفق تجاوز الاختلالات التشغيلية
- بناء الثقة من خلال رفع درجة التحرر من التنميط والتدجين ورفع سقف الإبداع على مستوى التفكير والتعبير والتدبير
- بناء نمودج للتنمية محوره “رباعية الكرامة” (الصحة-التعليم-السكن-التشغيل) بمنهجية نسقية تحترم: البناء الفكري/الثقافي – المعطى المجتمعي/الإقتصادي – البعد الإستراتيجي/الإجرائي – التوجه السياسي.
دكتور كلية العلوم – جامعة محمد الخامس الرباط