الكاتب والباحث أسعد العزوني
يهدف هذا المقال إلى تبيان حقيقتين هما :كشف ان مشروع نيوم السعودي الذي أعلنه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان،ليس مشروعا تنمويا أو تطويريا إستثماريا سياحيا ،بل هو إعادة لإحياء مملكة نعوم التوراتية ،ولتكون عاصمة لمملكة إسرائيل الكبرى المنتظرة بعد إعادة بناء الهيكل المزعوم على أنقاض الأقصى،بموافقة ودعم من آل سعود،تنفيذا للمخطط الصهيوني الماسوني ،كما يهدف المقال أيضا إلى كشف إستكلاب السعودية على ترويج الرواية الصهيونية في فلسطين ،لإبعاد حقيقة أن العبور اليهودي من مصر كان إلى الجزيرة وليس إلى فلسطين،مع أننا نؤمن انه لا أحقية لهم لا في فلسطين ولا في الحجاز،ناهيك عن ان يهود اليوم ليسوا يهودا،لأن يهود موسى إنقرضوا والموجودون اليوم هم يهود مملكة الخزر من أتباع الملك الخاقان ملك مملكة الخزرالذي سحقه جيش هارون الرشيد.
مدينة نيوم التي ورد ذكرها في سياق صفقة القرن، والتي يتم العمل على تأسيسها في المنطقة الواقعة على الحدود بين مصر والسعودية وفلسطين والاردن، هذا الاسم ” نيوم” لا يعني كما يقولون المستقبل والتطور،بل نيوم كلمة توراتيه، وورد ذكر هذا الاسم في التوراة وتعني ” نعوم”، وهي إسم مملكة يهودية” ממלכת נוים ” ، يعاد إحياؤها في تلك الجغرافيا، شمال السعودية ومصر، وجنوب فلسطين والاردن.
يهدف مشروع “نيوم”الصهيو-سعودي إلى محو آثار الإسلام وتغيير مناسك الحج في جزيرة العرب ،تنفيذا للمخطط الماسوني ،وإعتبار المقدسات الإسلامية أوثانا ليس إلا،وكان مركز القلم للأبحاث والدراسات أول من حذر من خطورة هذا المشروع الماسوني ،وأوضح مدير المركز الباحث خالد محيي الدين الحليبي أن هذا المشروع عبارة عن مشروع سياحة دينية لليهود العبرانيين ،وستشرف عليه إسرائيل بالكامل،كمقدمة لإعادة بناء الهيكل المزعوم ،وورد هذا المشروع رسميا في معاهدة كامب ديفيد التي وقعها السادات المقبور مع الصهاينة أواخر سبعينيات القرن المنصرم،وجاءت مشاركة مصر والأردن فيه بسبب تمحوره حول خليج العقبة وسيناء،وهو تجسيد أيضا لمشروع الشرق الأوسط الجديد الذي طرحه الصهيوني شيمون بيريز ،ويقوم أساسا على مشروع أيالون.
سيتكفل مشروع نيوم الذي يقام على 26 ألف كم مربع بخدمة مشروع بيريز ،وسيقوم على الطاقة والمياه والتقنيات الحديثة ،وسيتم رفع العلم الإسرائيلي فوق جزيرتي تيران وصنافير السعوديتين لوجودهما ضمن المشروع،بمعنى ان المشروع صهيوني-ماسوني جرى الإعلان عنه بلسان سعودي ،وستتحمل السعودية الحليف الإستراتيجي لإسرائيل الجزء الأكبر من تكاليف المشروع إنطلاقا من الجذور المشتركة للطرفين،وثمنا لتمكين بن سلمان من الحصول على كرسي العرش ليصبح ملكا على الحجاز خلفا لأبيه.
هناك قضية أخرى يجري التستر عليها وهي ان مصر قامت بتأجير 400 كم للسعودية ،وهي مناطق تعج بالآثار القديمة وسيتولاها خبراء الآثار اليهود ،ويعلنون كاذبين أنهم عثروا فيها على آثار يهودية ،ربما لتعويض فشلهم عن العثور ولو على “شحفة “فخار تدل على وجودهم القديم في القدس على وجه الخصوص،وقد رأينا كيف كان موشيه دايان الذي إحتل الضفة الفلسطينية وسيناء والجولان عام 1967 ،يقوم بدفن بعض القطع الفخارية والمعدنية ،ليقول لاحقا أنهم عثروا على آثار يهودية تدل عليهم،وفعلوا ذلك في لبنان عام 1982.
كما قلنا أن مشروع نيوم السعودي مرتبط بالهيكل ،ومن المسكوت عنه والمخفي عن العامة في هذا المشروع المؤامرة ،أنهم اعلنوا أن الكشوف الأثرية التي قاموا بها تؤكد قيام ان مشروع نيوم فوق منطقة أثرية يهودية ذات أبعاد صهيونية مثل جبل “اللوز” ،الذي عاش فيه نبي الله يعقوب في تبوك،ويعتقد انه المكان الذي نزلت فيه الصحائف العشر على موسى عليه السلام قبل ذهابه إله إلى طور سيناء وقبل نزول التوراة،ولذلك جاءت تسميته بهذا الإسم نسبة إلى القوانين بالإنجليزية”LAWS“،ومعروف أن باحث الآثار المعروف”رون وايت”خرج بنتيجة جديدة مؤكدة مفادها أن خروج بني إسرائيل من مصر هربا من فرعون لم يكن عن طريق سيناء التي كانت بمتناول يد فرعون،بل كان خروجهم عن طريق وادي وطير المؤدي إلى البحر وينتهي بشاطيء نويبع حيث حدث عبور البحر،وإستشهد وايت بالكثير من الأدلة منها أعمدة بناها نبي الله سليمان لتحديد مكان العبور وتقع على الجانبين المصري والسعودي.
لدى قيامه بالغوص في المنطقة وجد “وايت” بعض الآثار منها عظام آدمية وعظام خيول،وتبين له من خلال إستخدامه أجهزة لقياس أعماق البحر أن منطقة العبور أشبه ما تكون بالجسر وتختلف عما حولها،وإنهم عبروا من شاطيء نويبع إلى الشاطيء السعودي،وقد رفضت السلطات السعودية إعطاءه تأشيرة دخول لمواصلة أبحاثه،لكنه دخل المنطقة متسللا عن طريق البحر لقرب المسافة،وكان برفقته إبناه،وتم القبض عليهم من قبل السلطات السعودية التي أودعتهم السجن لشهرين ثم أطلقت سراحهم بعد إعترافهم انهم باحثو آثار فقط.
عاد”وايت”مرة ثانية إلى السعودية ولكن بطريقة رسمية هذه المرة عن طريق أحد أصدقائه الذي دبر له كفيلا سعوديا يمتلك إحدى المؤسسات ،وعاد بتأشيرة عامل وذهب إلى جبل اللوز وإستكشف المنطقة،وتأكد من صحة أبحاثه ،ووجد أن السلطات السعودية قد وضعت حواجز ولوحات تمنع الدخول لمنطقة الآثار بهدف حمايتها،كما وجد أن قمة جبل اللوز سوداء متفحمة أو محترقة،ليتطابق ذلك مع ما هو موجود عند اليهود ان الجبل قد إحترق عندما كلم الله موسى عليه االسلام.
كما عثر”وايت”على الصخرة التي ضربها موسى بعصاه فإنفلقت إلى 12 عينا حسب عدد قبائل بني إسرائيل ،وعثر أيضا على مكان المذبح الذي بني لعجل السامري الذي عبده بنو إسرائيل أثناء غياب موسى ووجود هارون،كما انه حدد مكان غرق فرعون،وقد ألقت السلطات السعودية القبض على “رون وايت”للمرة الثانية،وألصقت به تهمة البحث عن الكنوز ،وأخذوا عليه تعهدا يلزمه بعدم العودة إلى السعودية بعد إبعاده،ولا ننسى بطبيعة الحال أبحاث كل من المؤرخ اللبناني د.كمال صليبا التي كشفت الجغرافيا التوراتية في الجزيرة ،وإهتز لها أركان آل سعود،إضافة إلى أمين القدس السابق الراحل الحاج زكي الغول الذي كتب في هذا السياق.
نكون في هذا الجهد المتواضع قد أوضحنا طبيعة مشروع نيوم السعودي وصفقة القرن ،ولماذا تروج السعودية للرواية الصهيونية حول أحقية اليهود في فلسطين.