صلاح الدين اركيبي
يحاول البعض الضغط على وزارة الثقافة والشباب والرياضة بشتى الطرق، لتعديل بعض بنود دفتر التحملات التي هي في صالح الفنانين المهنيين الذين يعيشون بالفن، والمرتبطة بالدعم الاستثنائي الذي أعلنته الوزارة الوصية للتخفيف من جائحة كورونا والقاضي بإعطاء الأولوية للملفات التي لم يسبق لها الاستفادة من الدعم في إطار العدالة والانصاف، وإعطاء الأولوية كذلك للمشاريع التي تشغل عددا مهما من الفنانين المحترفين المهنيين غير الموظفين، فكيف يعقل أن نرى نفس الأسماء تتكرر في لوائح الدعم كل سنة؟ وكيف يعقل أن نرى أوضاع الفنانين المهنيين الذين يعيشون بالفن تتفاقم وهم في ظروف لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى ونجد من يطالب بتعديل هذه البنود.
إن بعض هؤلاء يحاولون فرض معيار الانخراط في المكتب المغربي لحقوق التأليف للاستفادة من هذا الدعم، وهو نفس البند الذي عانى الكثيرون بسببه، علما أن مئات الفنانين حاولوا الانخراط في هذا المكتب لسنوات لكن وجدوا عراقيل كثيرة.
وإذ نثمن هذه الخطوات التي أقدمت عليها وزارة الثقافة والشباب والرياضة والتي نعتبرها بداية القطع مع بعض الممارسات التي كانت تسيء للقطاع الفني والثقافي ببلادنا، ندعو كافة الفنانين الغيورين على المصلحة العامة وتهمهم مصلحتهم ومصلحة إخوتهم أن يعلنوا موقفهم من خلال تثمين المبادرات التي تستحق التشجيع فطريق الإصلاح لا زال طويلا، فعلى الأقل: أن يقوم دفتر التحملات بإعطاء الأولوية للفنانين الذين لم يسبق لهم الاستفادة، فهذا أمر محمود ويستحق التنويه والتشجيع في إطار العدالة والإنصاف، وهو أمر يحاول البعض تغييبه وعدم التطرق إليه ليظهر بموقف الأبطال وهو يطالب بمراجعة دفتر التحملات بدل المطالبة بتخفيفه، وهو يعلم جيدا أن هنالك من يستفيد سنويا من الدعم، دون أي يترك منتوجه الفني المدعوم أي بصمة على الساحة الفنية.
نحن نعلم أن مبادرة وزارة الثقافة والشباب والرياضة تبقى مبادرة غير كافية، لكنها تستحق التنويه والتشجيع، وندعوها من هذا المنبر إلى المزيد من تخفيف الشروط وليس تعديلها، لأن هنالك من يتقن اللعب بالمفاهيم كي تتراجع الوزارة عن المعايير الجديدة التي نعتبرها تاريخية والمتمثلة في إعطاء الأولوية للفنانين الذين لم يسبق لهم الاستفادة من الدعم وإعطاء الأولوية كذلك للملفات التي تشغل الفنانين المهنيين غير الموظفين.
إن مسؤوليتنا التاريخية تفرض علينا أن نقف إلى جانب مصلحة غالبية الفنانين، ولهذا نناشد الضمائر الحية من الفنانين والمسؤولين وكل الفعاليات الغيورة والصادقة للتصدي لمثل هؤلاء، ليعرفوا أن هنالك أحرارا ونبلاء قادرين على الدفاع عن مصلحة الفنان المغربي، ولكي تصل الرسالة إلى الوزير الجديد ليستمر في مسلسل الإصلاح. خصوصا وأن البعض يروج بأن الوزارة ستعدل الشروط لأنها شروط تعجيزية، وهي في الحقيقة شروط تعجيزية على الذين يستفيدون من الدعم كل سنة، والفاهم يفهم.
وحتى نبين لكم زيف شعارات بعض من يدعي الدفاع عن مصلحة الفنان، نقول أن العائق الكبير في دفتر التحملات بعد إلغاء شرط الانخراط في المكتب المغربي لحقوق التأليف وإلغاء شرط كتابة الألحان بالنوتات الموسيقية، هو أن فئة عريضة من الفنانين المهنيين لا تتوفر على بطاقة الفنان ولا على توصيل دفع ملف الحصول على البطاقة لأن فئة عريضة أرسلت الملف عبر البريد المضمون، لهذا نطالب وزارة الثقافة والشباب والرياضة أن تجد حلا سريعا لهؤلاء وتقوم بالتخفيف من الشروط وليس تعديلها، وتقدم أسباب مقنعة لسبب تأخر استفادة فئة عريضة من الفنانين من بطاقة الفنان. ونطالبها كذلك بتمديد أجل الدفع وبتوضيح بعض اللبس والغموض المرتبط بشروط استفادة الجمعيات الفنية حيث وقع خلط بينها وبين الشروط المفروضة على الشركات. كما نطالب الوزارة بتبني برنامج لرعاية الفنانين في وضعية هشة لسد الطريق على كل من يحال المتاجرة بمعاناة الفنان، فأول مرحلة هي إعداد لوائح للفنانين المهنيين الذين يستحقون الدعم والمآزرة خصوصا أن الأنشطة الفنية ببلادنا لن تعود في الوقت الحالي ولا القريب حسب ما أعلن رسميا.
نتمنى أن يكون الغالبية على قدر المسؤولية، لأننا نحن كفنانين نتحمل جزء من المسؤولية إذا صمتنا واستسلمنا لهذا الواقع (والفاهم يفهم)، فالإصلاح يبدأ بالتوعية وفضح المستور. ولنا عودة مع هذا الموضوع.
صلاح الدين اركيبي: رئيس النقابة الوطنية لاتحاد الفنانين المحترفين بجهات المملكة