نشر بشراكة مع DW العربية
على الرغم من مأساة غرق أكثر من 60 مهاجراً قبالة السواحل التونسية، لا يزال الكثير من الشبان المغاربيين ينوون محاولة الوصول إلى أوروبا، على أمل إيجاد فرص أفضل لحياتهم ومستقبلهم.
ووفقاً لوزير الدفاع الجزائري، تم اعتراض 1,433 شخصاً أثناء محاولتهم مغادرة البلاد بشكل غير شرعي في الأشهر الخمس الأولى من العام الجاري، وهو ما يمثل ثلاثة أضعاف الأعداد التي تم إحصاؤها في الفترة ذاتها من العام الماضي.
وفي مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية، قالت كوسيلا زيرغوين، وهي محامية مقيمة في مدينة عنابة الواقعة على الساحل الشمالي الشرقي للجزائر، إن الأرقام الفعلية لأعداد المهاجرين غير الشرعيين تفوق تلك المعلن عنها بـ”20 مرة”، وذلك إذا تم أخذ المهاجرين الذين نجحوا في الوصول إلى وجهتهم بعين الاعتبار.
وفي نهاية مايو الماضي، أعلنت إسبانيا عن استقبال 1700 مهاجر جزائري على أراضيها منذ بداية العام، مقابل 100 مهاجر فقط في الفترة ذاتها من العام الماضي.
ومن جانبه، وصف حامد، وهو شاب جزائري يبلغ 28 عاماً، وضعه في الجزائر، قائلا “لا مستقبل لي هنا. أنا أموت ببطء. لذا أملي الوحيد معلق بأوروبا”. وأثناء مقابلته مع وكالة الأنباء الفرنسية، شرح المهندس الشاب حالته وهو ينظر إلى بحر عنابة، وقال إنه يعيش مع والديه لأن راتبه لا يسمح له باستئجار شقة لوحده.
حالة من الإحباط
ولا تقتصر دوافع حامد وأقرانه من الشبان الجزائريين على الأسباب الاقتصادية. ويبرر العديد من هؤلاء الشبان نواياهم للهجرة بالاضطرابات السياسية والاجتماعية المعقدة. فقد بدأت حركة احتجاجية في الجزائر بداية العام الماضي، والتي أدت إلى الإطاحة بالرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وعززت آمال الشباب بمستقبل أفضل في وطنهم.
لكن وعلى عكس التوقعات، تم قمع هذه المظاهرات بشكل عنيف، مما عمق الشعور بالظلم لدى عموم الشباب المشاركين، وزاد من رغبتهم في مغادرة البلاد. وبشكل مواز، تأثر اقتصاد البلاد المعتمد على النفط، بانخفاض أسعار النفط العالمية، ما ساهم في ازدياد محاولات الهجرة غير الشرعية، والتي يسميها الجزائريون “الحراقة”.
ولا تقتصر ظاهرة “الحراقة” على جزء معين من المجتمع، فمن الممكن أن نجد أطباء وممرضين ورجال شرطة وعاطلين عن العمل ممن حاولوا الهجرة أو هاجروا بالفعل. ووفقاً لكوسيلا زيرغوين “يخاطر هؤلاء المهاجرون بحريتهم وحياتهم في سبيل الحصول على المزيد من الحرية والكرامة”. ومنذ 2009، تحكم السلطات الجزائرية على المهاجرين الذين يتم اعتراضهم وإعادتهم إلى أراضيها بالسجن لمدة ستة أشهر، وخمسة أعوام للمهربين.
البطالة في تزايد مستمر
ولا يختلف الوضع كثيراً في تونس. فقد تضاعفت أعداد رحلات الهجرة المنطلقة من سواحلها أربع مرات في الأشهر الخمس الأولى من العام الجاري، مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، وذلك وفقاً لبيانات المفوضية السامية للاجئين.
وعلى الرغم من أن أغلبية المهاجرين الذين ينطلقون من السواحل التونسية من أفريقيا جنوب الصحراء، إلا أن أعداد المواطنين التونسيين الذين يشاركون في هذه الرحلات تزداد شيئاً فشيئاً.
وتأثر الشباب التونسيون بنتائج ثورة “الياسمين” في عام 2011، بعد أن علقوا عليها آمالهم بمستقبل أفضل. وزادت جائحة كورونا من معاناتهم بعد أن عطلت العديد من المشاريع الصغيرة. ويقول المختص الاجتماعي خالد طبابي إن “العديد من الوظائف اختفت بكل بساطة، خاصة في قطاع السياحة الذي تأثر كثيراً بالجائحة”.
أما المملكة المغربية فتعتبر بلداً مضيفاً وممراً لعبور المهاجرين وميناء لانطلاق رحلات هجرة. ووفقاً للمنظمة الدولية للهجرة، يدفع الوضع الاقتصادي في المغرب الشبان إلى الهجرة، وذلك مع تزايد البطالة بين صفوفهم. وتشرح المنظمة الأممية “يشكل المغتربون المغربيون أكثر من أربعة ملايين شخص، يعيشون بشكل رئيسي في أوروبا ودول الخليج والولايات المتحدة الأمريكية”.
وفي 2019، تم إحباط حوالي 74 ألف محاولة هجرة غير شرعية كانت متوجهة إلى إسبانيا، بحسب السلطات المغربية.ولإيقاف تدفق المهاجرين، استفادت السلطات المغربية العام الماضي من مساعدات بقيمة 140 مليون يورو مقدمة من الاتحاد الأوروبي.
ونتيجة لذلك، دخل حوالي 32,500 مهاجر إسبانيا بشكل غير قانوني في عام 2019 عن طريق البر أو البحر، وهو ما يمثل نصف أعداد الوافدين في عام 2018، وفقا لوزارة الداخلية الإسبانية. كما قدمت إسبانيا مساعدات إضافية إلى السلطات في المغرب للقيام بدورها في اعتراض عمليات الهجرة.