سليمة فراجي*
وانا أعاين كغيري ما آلت اليه الامور من ذِلّة ومسكنة وانبطاح ، هاجت الذكرى الحافلة بخرجات الأمين العام السابق الدكتور الشيخ بيد الله وتنقلاته وخطاباته الرامية الى شرح برنامج الحزب رفقة مؤسس الحزب وثلة من الكفاءات المرموقة !
عدت لاقول هل صرنا نطلب ود من كانوا لنا بالمرصاد واعتبرونا لقطاء وتماسيح وعفاريت ومولودا مشوها مشوبا بخطيئة النشأة ؟رغم كوننا مواطنين مغاربة من سلالة المقاومين والمدافعين عن حوزة الوطن ابا عن جد ، ومتشبعين بروح المواطنة الصادقة والولاء لثوابت الامة !
كيف انسى او اتناسى نضالاتنا وبرامجنا ومجهوداتنا الجبارة ، رغم الخلافات والاختلافات وتباين وجهات النظر ، وظهور طينة وصوليين ودخلاء ،طينة ذات أعطاب اخلاقية وأيديولوجية لا يهمها مشروع الحزب وما عاناه المؤسسون لما كانوا يجوبون ربوع المملكة شرقا وغربا شمالا وجنوبا من اجل انتاج خطاب يحترم ذكاء المغاربة ويجنبهم ويلات ما عاشته بعض الدول علما ان هذه الطينة ترعرت حتى في الاحزاب المكونة للتحالف الحكومي
ورغم سقوط الاقنعة وتنمٌرمن يحكون انتفاخا في صورة الأسد ،رغم تغليب البعض للمصالح الخاصة ولو على حساب النظم والضوابط وشرعية الأجهزة ،رغم هزيمتهم وإقفارهم في ساحة الانتاج السياسي ،فان ذلك كله لم يتمكن من ان يمحي التاريخ بجرة قلم ، لان الانسان مرتبط بماضيه وان هذا الماضي كان حافلا بمحطات و بمناضلين بذلوا مجهوذات جبارة من اجل إشعاع حزب الاصالة والمعاصرة وتقوية واجهاته البرلمانية والجهوية والجماعية ، وكونه احدث توازنات كبرى في المشهد الحزبي المغربي الذي كان قد أصيب بالترهل واللامعنى .
لا احد يجادل ان العمل السياسي هو انخراط إرادي مسؤول هدفه بالأساس خدمة الشأن المحلي والجهوي والوطني ، والارتقاء به يعني بالأساس تغليب المصلحة العامة على المصالح الخاصة في اطار الاحترام المتبادل والقبول بالاخر ، ولا احد يجادل في الدور المحوري للمؤسسين من رجالات الدولة المحنكين، و للمنتخبين الذين خاضوا معارك انتخابية ، وناضلوا منذ تأسيس حزب الاصالة والمعاصرة باستماتة لتقوية واجهة الحزب و الذود عنه في مختلف المحطات مؤمنين ببرنامجه ، منذ التأسيس رفقة ثلة من خيرة الأولين وثلة من الملتحقين ، لذلك كيف يعقل ان يتم تبخيس تاريخ حافل و ضرب سنوات من الدفاع عن افكار حزب وايديولوجيته وبرنامجه الحداثي الذي ولد من اجله مانحا املا للمغاربة في العيش الكريم في ظل المؤسسة الملكية ؟
كيف نخطب ود من يتعالى من فراغ ويتعجرف ويعيرنا بخطيئة النشأة ؟
مكارم الاخلاق وشيم الكبار تقتضي ان نصون دم وجه الاخر وان نترفع عن اساليب القدح ان اقتضت الضرورة والمصلحة فتح نقاش التفاوض ،لا سلوك مسطرة التركيع والاذلال للقبول بمن جاء يخطب الود !
تلك هي خصال الكبار
فكيف يطالب بعض قياديي حزب يقود الحكومة امين حزب حالي بتصفية تركة الماضي ؟
ومن له تركات الماضي يا ترى ؟
ومن اتخذ قرارات لا شعبية في حق الشعب المغربي ؟
ومن انت او هو أو انتم حتى تسندوا لانفسكم اختصاص مساءلة امين عام ومحاسبة حزب وتركيعه من اجل طلب الاعتذار خارج اجهزة القانون والمساطر في افق التحالف الذي لن يكون الا هجينا !
في الماضي القريب الذي كان فيه المناضلون اخوة متآزرين كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا كنا اقوياء ؟ الم يخوضوا جماعات وفرادى معارك انتخابية في ظل الاحترام المتبادل لقرارات الحزب وتوجهاته دون كيد او غيظ قبل ان تساق السفينة من طرف ربابنة عرضوها للقرصنة ؟
هل تم نسيان او تناسي الود والوئام والالتحام لمساندة هذا او ذاك استنادا الى خصاله وقدرته على خدمة الشأن العام ؟
واليوم اصبحنا معرضين للمطالبة برد اعتبارنا للقبول بنا و تصفية تركتنا وقضاء عقوبات افعال اقترفها السابقون ؟
ولم لا محاكمتنا وتسليط اقسى العقوبات علينا قبل القبول بنا كسبايا وضحايا حرب ؟
كيف انسى الماضي ولا افكر في الحاضر المؤلم كيف لا اراجع الصفحات واحن الى مجد مناضلين أبانوا عن حنكة ونية صادقة من اجل تطبيق برنامج الحزب والدفع بعجلة التنمية الى الامام بغض النظر عن الشكوك و الانتهازية وتأليب زيد ضد عمر ؟
لا زلت ساذجة لاعتقد ان الوطن ينتظر من الفاعلين السياسيين والمنتخبين ابداعا وعملا ومنجزات ملموسة كل حسب اختصاصه ،الوطن لا حاجة له بالصراعات والمزايدات وتغول الأنا ، والعجرفة وتعظيم الذات ،
هل نحن بصدد انقراض يخدم كائنات لها مصلحة في انهيار حزب الاصالة والمعاصرة حتى تستقطب مناضليه من كفاءات ورجال اعمال وشباب ونساء ، اذا كان ذلك هو الامر المقصود فلنسلم باننا انتهينا ، واذا كان » تحقيق العظائم رهين بصدق العزائم « كما جاء في خطاب صاحب الجلالة فان مرتبة الحزب تلزمه ولا تنقصه الا صدق العزيمة والتحرر من الانتهازيين الراغبين في قضاء المصالح الخاصة والعبث بمشروع الحزب وايديولوجيته الراسخة
قد يقول قائل انه لا وجود لصداقة دائمة ولا لعداوة دائمة وان المصلحة وحدها هي الدائمة ،
Il n’y a pas d’amis éternels , il n’y a pas d’ennemis irréversibles, seul l’intérêt est éternel et irréversible
لكن هل تصل الامور الى اتهام المحاور او العدو الذي ستجمعك به المصلحة بارتكاب الجرائم ؟ وانه مطالب بتصفية التركات وتقديم الاعتذار وضمان عدم تكرار الاخطاء ؟
صحيح انني ابتعدت عن الحزب و قياداته وسجلت استياء من انحراف حملته الجدد عن سكته المرسومة ، لكن لم اتمكن من نسيان مسار حزب ونضاله وتقديمه برنامج مجتمعي يخدم الوطن والمغاربة حتى ولو سجل مرور عابري سبيل حرفوا المشروع وانحرفوا عن الطريق المستقيم
ولكن اعقب على تدوينة الاستاذ حامي الدين الذي يطلب من الحزب الاعتذار وضمان عدم تكرار ما وقع ويحاسبنا على الجرائم المرتكبة وكأنه ، جهاز النيابة العامة ، اننا لا نقبل بمن يذلنا ونحن لا نكون نحن بغير ابائنا واعتبارنا وتاريخنا الحافل بمحطات ذهبية ولسنا من طينة من يقبل التركيع والاذلال !
سليمة فراجي – امينة جهوية سابقة #