محمد الشمسي
فاز فريق الرجاء البيضاوي ب”بطولة عام وثلاثة أشهر”، كان إيقاعها رتيبا وزادها كورونا رتابة، “للا زينة وزادها نور الحمام”، فاستحقت لقب “بطولة كورونا”، طبعا في نهاية كل موسم كروي هناك فائز بالضرورة.
لكن الفيروس الذي أصاب البطولة المغربية هو أكبر من كورونا نفسه، إنه فيروس التشكيك في لعبة رياضية إنما جعلت للمتعة والفرجة، ومحكومة باللعب النظيف والمنافسة الشريفة، حتى أن الفريق الذي توج بطلا سبق وأن أصدر بلاغا يهدد فيه بمقاطعة البطولة في موسمها المقبل، احتجاجا منه على ظلم التحكيم المتعمد والمدروس ضده من “جهة تعاديه” والقول له ونحن ننتظر هل سينفد وعده ويقاطع، أم أنه كان فقط يقود مرتدا هجوميا للضغط على الجامعة من جهة، وتهيئ الأنصار نفسيا لكل فشل في إحراز اللقب، يشفع للمكتب من الإفلات من عقاب الجماهير.
هناك احتمالان لا ثالث لهما، إما أن بطولتنا المغربية هي كما ينعتها بعض من أهلها عبارة عن مستنقع من الرشاوى والمقالب والخدع، و”خاوية في عامرة”، والنتائج تحددها الهواتف، و”شكون أمه في دار العرس وشكون لا”، أو أن المسير المغربي رئيسا أو مدربا وحتى لاعبا، لم يَرْق بنفسه بعد إلى درجة الاحتراف ولا يزال يبرئ نفسه من كل هزيمة ويرمي بها نحو الآخر المتآمر والمتواطئ والحقود و…مرددا لازمة “الفريق مستهدف”.
ومع الاحتمالين معا وجب فتح نقاش يليه فتح تحقيق، نقاش مع أرباب الفرق ومدربيها ولاعبيها لكي يزنوا كلامهم قبل إطلاقه، ويقرؤوا بلاغاتهم قبل نشرها، ويراقبوا ألسنتهم “اللي ما فيها عظم”، وأن يتعلموا ليس فقط مطاردة الكرة فهذه تطاردها حتى بعض الحيوانات، بل يتقنوا فن الحديث وفن التواصل وفن ردة الفعل… فإن كانت لديهم الحجج والبراهين على كل تهمة أو شك، فوجب تطبيق القانون ضد الجناة، وإن كانوا “عاداوين” فتلك عرقلة متعمدة من الخلف تفرض بطاقة حمراء وطردا من الأسرة الرياضية بالمطلق، فلا يمكن ترك ساحة كرة القدم فضاء لشيوع رياح انعدام الثقة،
فكيفينا ما نحن فيه من منسوب”طالع و بزاف” لانعدام الثقة في جميع القطاعات، فلنُبقِ الرياضة بمأمن عن وباء الوسواس الخناس، وباء البكاء والتباكي، فحتى رئيس الجامعة نفسه لم يسلم من رشح وقصف وقدح، فاسمه على كل حائط في كل زقاق مرفوق بعبارات التشنيع والشتيمة والهز واللمز، فإذا كان الجمهور خارج المجال الترابي والجغرافي لحكم الرئيس، فإن عددا من “قساوسة بعض الفرق” هم من يوحي لتلك الجماهير ويحرضها بتصريحات مشبوهة ملتبسة لا يراها المتلقي إلا حقيقة، ونحن نعلم عقلية جماهير الكرة التي تفكر بانفعال وعاطفة وحماسة زائدة.
فالفريق بطل هذا الموسم مثلا، كان يتزعم البطولة لكنه في نفس الوقت يتزعم قائمة”التشيار” ببلاغات التشكيك والمظنة والتهديد بالانسحاب، وحتى وهو يفوز باللقب قال مدربه إنه “يشكر من نافس بشرف”، وهذا فيه كثير من “حشيان الهضرة” فمن نافس بشرف؟، ومن لم ينافس بشرف؟ وكيف ومتى ومع من؟، السلامي يقصد “نيشان” الوداد البيضاوي ونهضة بركان، ومن خلفهما فوزي لقجع وسعيد الناصيري، ولا يمكن ترك “دار البطولة بلا رقابة ولا ساروت “، فإما أنها بطولة طاهرة نقية الفوز فيها للأفضل، ويجب تسييجها ضد هذا”الشغب”، أو أنها فعلا ضاية وسخة متسخة قذرة و”هاد الشي قليل فيها”، ووجب جر المجرمين الى السجن وإغلاق تلك الملاعب و” نهنيو روسنا من هاد الصداع”.
كنا صغارا نلعب الكرة وحين نسجل أو يُسجل علينا لا نقبل أو لا يقبل خصومنا الهدف إلا بعد حلف اليمين وحلف اليمين المضاد، ويقول الواحد منا للآخر”الدراري لعبو معانا بلا بكا”…وهنيئا مرة أخرى ل”دراري” ديال الرجاء ببطولتهم ، ودعوني “نقشب معاكم شوية” : إذا كنتم متيقنين من فسادها فحري بالرجاء العالمي رفض الفوز ب”بطولة الفساد والغش”، أم أنها تصبح عفيفة إذا ظفرتم بها، وتصير فاجرة إذا فاز بها غيركم “دراري عا نضحك معاكم بصحتكم”…هي فعلا واحدة من اثنين، إما أنها بطولة بكاء أو بطولة فساد.