محمد الشمسي
فتح كائن سياسي مغمور رمت به سيول الانتخابات يدعى الأزمي بالوعة واده الحار وغمر به فئة عريضة من المغاربة القاطنين في “عالم الأنترنت”، فعيرهم بالشعبوية، فقط لأنهم طالبوا بوقف نزيف المال العام صوب جيوب برلمانيين أثبتت جائحة كورونا أنهم مجرد حمولة زائدة على مالية الوطن، وأن الناس سيعيشون أفضل بدونهم، ولا يدرك الأزمي أن الشعبوية مشتقة من الشعب، وأنها ليست سبة ولا تحقيرا ولا “معيورة”، وأنها نقيض النخبة الفاسدة والقذرة التي تفرض نفسها على الأمة لتنهبها، مختفية خلف الدفاع عن المؤسسات، والحال أن الخلاف ليس بين الشعب والمؤسسات بل هو بين الشعب والديدان التي تنخر أركان المؤسسات وتعطلها.
ردد الأزمي قولة عقيد ليبيا التي ما إن تفوه بها أمام شعبه حتى حلت عليه اللعنة، وعُثر عليه ميتا ميتة الجيف، قال المسمى الأزمي للمغاربة “من أنتم؟”، نجيبه “نحن ملاك هذا البلد، نحن الباطرون ديالك، نحن من تقتات منهم ، نحن من نشتري كسلك بأموالنا، نحن الشعب، نحن معشر الشعبويين، يرجى مراجعة مفهوم الشعبوية”، وزاد في القول متشنجا دون أن تسعفه قصر قامته “واش بغيتونا نخدمو بيليكي” ويقصد صاحبنا النحيف ب”بليكي” بالمجان أو “فابور”، وهو بذلك يتمسك بمال الشعب كما يتمسك القط بقطعة اللحم، وأضاف يبرر جشعه ونهمه”باش نعَيْشو أولادنا؟”، وكأن قدر هذا الشعب أن يتحمل تكاليف أعلاف الآباء وسلالة الأبناء.
أوقع هذا الإخواني الناخبين الذين انتخبوه في الخديعة الكبرى، فقد تعاهد معهم في برنامج حزبه أنه راغب في خدمة الوطن وأخفى عليهم رغبته في “بزولة الوطن”، ورَقَاهُم برقيته المُدجِّنة، وباعهم بريق “ضحكة مزيفة”، ظنوها أصلية أصيلة، فاكتمل حبك الكمين.
في قلب برلمان الأمة حيث يفترض ألا حديث يعلو فوق الحديث عن مصالح الأمة، سمح هذا النكرة لنفسه أن يهين ملايين المغاربة وقال إنهم لا ينتجون الثروة وكأن الرجل هو “بيل غيت أو جيف بيزس” أو غيرهما من صانعي الثروة بالمهارة والمعرفة والذهاء، وليس بعرق دافعي الضرائب، لكن تهمة عدم إنتاج الثروة خير من تهمة نهب الثروة، فهل يريد الأزمي سلب الشعب أمواله بالقوة كما يفعل قطاع الطرق؟.
ماذا قدمت لكي تأخذ كل تلك الملايين؟، وأين هي الثروة التي أنتجت أنت طيلة سنوات “سياستك”؟، كان عليك ألا تجعل من السياسة مهنة، و”لماعجبكش الحال الباب يخَرَّج جْمل”، فذلك منصب انتخابي اختياري لم تظفر به بمباراة ولا كفاءة ولا امتحان، وقد بحثت في غوغل عن مهارتك وكفاءتك ومدى قدرتك على الإبداع في السياسة وصنع الثروة التي تقذف بها أولياء نعمتك، فوجدته يذكرك موظفا غلبانا بسيطا لم تنفعك الكيمياء التطبيقية في وضع تركيبة تحيى بها بعيدا عن المال العام، وأن أحسن ما صنعته من كيميائك أنك “خلطت” السياسة بالدين وقليل من المسك، فصنعت مخدرا استغفلت به من وثقوا في “بسملتك و تكبيرك”، لكنك ستبقى “سياسي أنابيب”، تتنفس أوكسجين الربيع العربي، وأنت اليوم تنكر جميل المغاربة و”كتقلز ليهم بالعلالي”، فهل أتى على الأزمي حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا…”عقل فيها وديرها فين تجيك…ها الانتخابات قريبة…”.